للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَلَّ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ وَلِخَبَرِ «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ قَطْعِ طَرَفِهِ بِطَرَفِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ أَنْفَهُ جَدَعْنَاهُ، وَمَنْ خَصَاهُ خَصَيْنَاهُ» فَغَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مَنْسُوخٌ لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُ سَبْقِ الرِّقِّ لَهُ فِيهِ، وَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ مَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ أَوْ حُرِّيَّتَهُ وَالْقَاتِلُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ، وَيُفَارِقُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ حُرٌّ لَقِيطًا فِي صِغَرِهِ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيهِ بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ، وَفَرَّقَ الْقَمُولِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَدَّعِي الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ (وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَكَافُئِهِمْ بِتَسَاوِيهِمْ فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ، وَقُرْبُ بَعْضِهِمْ لِلْحُرِّيَّةِ غَيْرُ مُفِيدٍ لِمَوْتِهِ قِنًّا، نَعَمْ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقِنِّهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ رِقًّا أَوْ كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِسِيَادَتِهِ وَالْفَضَائِلُ لَا يُقَابَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ

(وَلَوْ) (قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ) (أَوْ) جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ (عَتَقَ) الْجَارِحُ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) (فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلْقَاتِلِ وَالْجَارِحِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ زَادَتْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ؛ إذْ الْحُرِّيَّةُ شَائِعَةٌ فِيهِمَا بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْقِصَاصِ فَعُدِلَ عَنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ لِبَدَلِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَالِ حَيْثُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ فِي مَالِهِ وَيَتَعَلَّقُ الرُّبْعَانِ الْبَاقِيَانِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا نَقُولُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ نِصْفُهُ قِنٌّ لَوْ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ لَزِمَهُ لِسَيِّدِهِ ثَمَنُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ مَضْمُونَةٌ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَرُبْعُ الْقِيمَةِ يُسْقِطُ رُبْعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلِ لِلْحُرِّيَّةِ، إذْ لَا يَجِبُ لِلشَّخْصِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ كَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ لِلسَّيِّدِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ عَبْدَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ مَالٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْحُرِّ وَهُوَ ثُمُنُ الْقِيمَةِ فَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهِ الْآنَ أَوْ حَتَّى يُوسِرَ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (وَجَبَ) الْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا قَتَلَهُ جِنِّيٌّ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَتَلَ وَلِيًّا تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يُقْتَلُ بِالْجِنِّيِّ مُطْلَقًا.

أَقُولُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَعْرِفْ أَحْكَامَ الْجِنِّ وَلَا خُوطِبْنَا بِهَا، قَالَ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ إنَّمَا هِيَ لِلْمُكَافَأَةِ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ لَا مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: وَمَنْ جَدَعَ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَنَّهُ) أَيْ لِأَجْلِ خَبَرِ أَنَّهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِخَبَرِ وَهِيَ أَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: «عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ» ) وَفِي نُسْخَةٍ عَزَّرَ أَيْ لَمْ يَلُمْهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّسَاوِي) أَيْ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ رُبْعُ الدِّيَةِ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رُبْعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلَ لِلْحُرِّيَّةِ جَنَى عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْحُرُّ، وَالْجُزْءُ الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ ثَمَنُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الْحُرِّ وَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رُبْعُ الدِّيَةِ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لَوْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ لَوَجَبَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ أَسْقَطْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ بَلْ فِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: وَرُبْعُ الْقِيمَةِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا) أَيْ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ شَرْعًا وَلَيْسَ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ كَمَسْأَلَةِ اللَّقِيطِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي إلَخْ.) هَذَا بَيَانُ الْكَيْفِيَّةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْبَلَدِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا بَيَانُ لِلنَّظِيرِ، فَلَوْ قَالَ، فَيَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي إلَخْ. لَكَانَ ظَاهِرًا وَمُرَادُهُ بِالنَّظِيرِ كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا بِقِنٍّ وَثَوْبٍ مَثَلًا وَاسْتَوَوْا قِيمَةً لَا نَجْعَلُ الشِّقْصَ أَوْ السَّيْفَ مُقَابِلًا لِلْقِنِّ أَوْ الثَّوْبِ بَلْ الْمُقَابِلُ لِكُلِّ النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>