للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَتْلُ الْعَافِي (وَيُقَدَّمُ) أَحَدُهُمَا لِلْقِصَاصِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (بِقُرْعَةٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ الِاسْتِلْحَاقِ، فَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُجِيبَ الطَّالِبُ وَلَا قُرْعَةَ، وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْقُرْعَةِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ مَقْتُولِهِ عُضْوًا وَمَاتَا مَعًا بِالسِّرَايَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلَبُ قَطْعِ عُضْوِ الْآخَرِ حَالَةَ قَطْعِ عُضْوِهِ، ثُمَّ إذَا مَاتَ الْأَخَوَانِ بِالسِّرَايَةِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَقَعَ قِصَاصًا، وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا مَعًا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَإِنْ غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ لَكِنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الطَّلَبِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

وَيَجُوزُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فَيُقْرَعُ بَيْنَ الْوَكِيلَيْنِ، وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ لِانْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا لَوْ قَتَلَاهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ لِتَبَيُّنِ انْعِزَالِ كُلٍّ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اقْتَصَّ بَعْدَ عَفْوِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ لَهُ (فَإِنْ اقْتَصَّ بِهَا) أَيْ الْقُرْعَةِ (أَوْ مُبَادِرًا) قَبْلَهَا (فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ إنْ لَمْ نُوَرِّثْ قَاتِلًا بِحَقٍّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِبَقَاءِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ (وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا) وَعُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ (وَلَا زَوْجِيَّةَ) بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ وَيُبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِقْرَاعِ هُنَا أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُمَا مَعًا نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَهُ وَبِقَتْلِهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ وَقَتَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْإِذْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فَانْدَفَعَ مَا لِلرُّويَانِيِّ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) الْقِصَاصُ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ مَنْ مَالُهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ، فَفِيمَا إذَا قَتَلَ وَاحِدٌ أَبَاهُ ثُمَّ الْآخَرُ الْأُمَّ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ قَوَدَهُ ثَبَتَ لِأُمِّهِ وَأَخِيهِ فَإِذَا قَتَلَهُمَا الْآخَرُ انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهَا لِقَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُهَا وَهُوَ ثُمُنُ دِيَةٍ فَسَقَطَ عَنْهُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ، وَعَلَيْهِ فِي مَالِهِ لِوَرَثَةِ أَخِيهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ، أَوْ وَاحِدٌ أُمَّهُ ثُمَّ الْآخَرُ أَبَاهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا

(قَوْلُهُ: فَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْقَتْلَ

(قَوْلُهُ: أُجِيبَ الطَّالِبُ) أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى قُرْعَةٍ

(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْوَلَدَيْنِ

(قَوْلُهُ: حَالَةَ قَطْعِ عُضْوِهِ) أَيْ الْمَقْطُوعِ الثَّانِي مِنْ الْأَخَوَيْنِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا مَاتَ الْأَخَوَانِ) وَهُمَا الْوَلَدَانِ

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا) أَيْ قَتَلَ الْوَلَدَانِ الْأَبَ وَالْأُمَّ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ) أَيْ مِنْ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُمَا) أَيْ لِلْوَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ: يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ

(قَوْلُهُ: لَوْ قَتَلَاهُمَا) أَيْ الْوَكِيلَانِ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ: انْعِزَالُ كُلٍّ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَوَامِ اسْتِحْقَاقِ الْمُوَكِّلِ قَتْلُ مَا وُكِّلَ فِيهِ أَنْ يَبْقَى عِنْدَ قَتْلِهِ حَيًّا وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ.

وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: كُلٌّ مِنْهُمَا حَالَ الْإِقْدَامِ كَانَ لَهُ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، وَمَوْتُ مُوَكِّلِهِ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْوَكِيلِ مِنْ الثَّانِي، وَإِنَّمَا وَقَعَ قِصَاصًا فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَزْلِهِ) أَيْ مُوَكِّلِهِ لَهُ أَيْ، وَلَمْ يَعْلَمْ (قَوْلُهُ: وَلَا زَوْجِيَّةَ) أَيْ زَوْجِيَّةَ مَعَهَا إرْثٌ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجِيَّةً مُطْلَقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا إرْثٌ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِقْرَاعِ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَتَلَا مُرَتَّبًا وَلَا زَوْجِيَّةَ

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ) أَيْ فَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَبِقَتْلِهِ: أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ: أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَقَتَلَهُ: أَيْ الْآخَرُ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ وَكِيلَ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَدَمَ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ) أَيْ وَارِثٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ الْآتِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا مَعًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا لَوْ قُطِعَ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>