للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقْتَلُ قَاتِلُ الْأَبِ فَقَطْ لِمَا ذُكِرَ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ كَالدَّوْرِ، حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِأُمِّهِمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْوَلَدَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا قِصَاصٌ عَلَى الْآخَرِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ لَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ أَوَّلًا لَمْ يَمْتَنِعْ الزَّوْجُ مِنْ إرْثِهَا، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْتُولَ أَوَّلًا فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْتُولَةَ أَوَّلًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي، قَالَ: فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ اهـ.

وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الدَّوْرِ فِي تَصْوِيرِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي تَمَامِ التَّصْوِيرِ عَلَى الشُّهْرَةِ، فَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ أَنَّ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِرْثَ بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ بِهَا لِلدَّوْرِ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ أَمَتُهُ الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي الْمَرَضِ ثُمَّ طَالَ بِهِ حَتَّى أَوْلَدَهَا وَلَدَيْنِ فَعَاشَا إلَى بُلُوغِهِمَا ثُمَّ قَتَلَاهُمَا، وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ، أَمَّا مَعَ عِلْمِ السَّبْقِ وَجَهْلِ عَيْنِ السَّابِقِ فَالْأَقْرَبُ الْوَقْفُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ؛ إذْ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِهِمَا حِينَئِذٍ بِقَوَدٍ أَوْ عَدَمِهِ تَحَكُّمٌ، هَذَا إنْ رُجِيَ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ، وَلَوْ قَتَلَ ثَانِيَ أَرْبَعَةِ إخْوَةٍ أَكْبَرَهُمْ ثُمَّ الثَّالِثُ أَصْغَرَهُمْ وَلَمْ يَخْلُفْ الْقَتِيلَانِ غَيْرَ الْقَاتِلَيْنِ فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الثَّالِثِ، وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْهُ لِمَا وَرِثَهُ مِنْ قِصَاصِ نَفْسِهِ

(وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) وَإِنْ تَفَاضَلَتْ الْجِرَاحَاتُ فِي الْعَدَدِ وَالْفُحْشِ وَالْأَرْشِ حَيْثُ كَانَ لَهَا دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِمُثْقَلٍ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ يَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَيَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَاُتُّخِذَ ذَرِيعَةً إلَى سَفْكِهَا.

وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً: أَيْ حِيلَةً، وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ: أَيْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ شُهْرَتِهِ فَصَارَ إجْمَاعًا، أَمَّا مَنْ لَيْسَ لِجُرْحِهِ أَوْ ضَرْبِهِ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: يُقْتَلُ قَاتِلُ الْأَبِ) وَيَلْزَمُ هَذَا الْمُسْتَحِقَّ لِأَخِيهِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ قَتْلِ الثَّانِي فَقَطْ حَيْثُ كَانَتْ زَوْجِيَّةً

(قَوْلُهُ: مِنْ الْوَلَدَيْنِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ حَبِلَتْ بِهِمَا وَكَبِرَا فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِمَا كَمَا يَأْتِي تَصْوِيرُهُ (قَوْلُهُ فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ) وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِأُمِّهِمَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيَّ (قَوْلُهُ: الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي الْمَرَضِ) وَلَعَلَّ تَصْوِيرَ الشَّيْخِ لِتَخْرُجَ الْمُسْتَوْلِدَةُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى قَتْلُ قَاتِلِهَا مَنْ الْوَلَدَيْنِ لِبَقَاءِ رِقِّهَا حَالَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ) أَيْ مِنْ الدَّوْرِ وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَمَاتَ لَوْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِهَا لَكَانَ الْإِعْتَاقُ تَبَرُّعًا فِي الْمَرَضِ لِوَارِثٍ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْهَا؛ إذْ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الْإِجَازَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، فَلَوْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِهَا لَامْتَنَعَ عِتْقُهَا وَامْتِنَاعُهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهَا فَيَلْزَمُ مِنْ تَوْرِيثِهَا عَدَمُ تَوْرِيثِهَا

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ) أَيْ بِمَالٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ مَجَّانًا وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِمَا وَرِثَهُ) أَيْ عَنْ أَخِيهِ الْأَصْغَرِ.

وَمِنْ جُمْلَتِهِ نِصْفُ قَوَدِ نَفْسِهِ الَّذِي كَانَ لِأَخِيهِ الْأَصْغَرِ عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْأَكْبَرِ

(قَوْلُهُ: أَهْلُ صَنْعَاءَ) ع: خَصَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلِينَ مِنْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَيْسَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ لَهَا دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ

(قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ مَنْ لَا دَخْلَ لِجِرَاحَتِهِ فِي الزُّهُوقِ، وَعَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) يَعْنِي: فِي صُورَةِ مَا إذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ ثُمَّ الْآخَرُ الْأُمَّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ) أَيْ مِنْ أَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قَتَلَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا، عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَعَلَى هَذَا إلَى قَوْلِهِ مِنْ إرْثِهِ لِعَدَمِ مَوْقِعِهِ هُنَا وَلَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَالَ بِهِ إلَخْ.)

<<  <  ج: ص:  >  >>