للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزُّهُوقِ بِفِعْلَيْنِ عَمْدًا، وَامْتِنَاعُ الْقِصَاصِ عَنْ أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى آخَرَ خَارِجٍ عَنْ الْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَهُ عَنْ الْآخَرِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ.

وَالثَّانِي تَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ الْمُخْطِئِ فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْقَوَدِ عَلَى شَرِيكِهِ.

وَرُدَّ بِأَنَّ فِعْلَ الشَّرِيكِ فِيمَا بَعْدُ كَذَا مُهْدَرٌ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يَقْتَضِي شُبْهَةً فِي فِعْلِ الْآخَرِ أَصْلًا فَلَا يَكُونُ مُسَاوِيًا لِشَرِيكِ الْمُخْطِئِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ، وَيُقْتَلُ شَرِيكُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَشَرِيكُ السَّبُعِ وَالْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا مَعَ وُجُودِ الْمُكَافَأَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَ الْقَوَدُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِشُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ سَقَطَ عَنْ شَرِيكِهِ أَوْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ وَجَبَ عَلَى شَرِيكِهِ (وَلَوْ) (جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً) أَوْ وَشِبْهَ عَمْدٍ (وَمَاتَ بِهِمَا) (أَوْ جَرَحَ) جُرْحًا مَضْمُونًا وَآخَرَ غَيْرَ مَضْمُونٍ كَأَنْ جَرَحَ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْمَجْرُوحُ (وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا (لَمْ يُقْتَلْ) تَغْلِيبًا لِمُسْقِطِ الْقَوَدِ فَفِي الْأُولَى عَلَيْهِ مَعَ قَوَدِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ إنْ أَوْجَبَهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَنِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَفِيمَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ مُوجَبُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَتَعَدُّدُ الْجَارِحِ فِيمَا ذُكِرَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَقَطْ (وَلَوْ) (دَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا (فَلَا قِصَاصَ) وَلَا دِيَةَ (عَلَى جَارِحِهِ) فِي النَّفْسِ إذْ هُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ السُّمِّ بَلْ فِي الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَهُ وَإِلَّا فَالْمَالُ (وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ) السُّمُّ الَّذِي دَاوَاهُ بِهِ (غَالِبًا) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ فِي النَّفْسِ أَيْضًا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ مَعَ مَا أَوْجَبَهُ الْجُرْحُ (وَإِنْ قَتَلَ) السُّمُّ (غَالِبًا وَعَلِمَ فَشَرِيكُ جَارِحِ نَفْسِهِ) فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ فِي الْأَظْهَرِ (وَقِيلَ) هُوَ (شَرِيكُ مُخْطِئٍ) فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْصِدُ قَتْلَ نَفْسِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: دَاوَى جُرْحَهُ عَمَّا لَوْ دَاوَاهُ غَيْرُ الْجَارِحِ، فَإِنْ كَانَ بِمُوحٍ وَعَلِمَهُ قَتَلَ الثَّانِيَ أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَعَلِمَ وَمَاتَ بِهِمَا قَتْلًا وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَحَّلَ إنْسَانٌ عَيْنَ مَرِيضٍ فَذَهَبَتْ بِمُدَاوَاتِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَبَيْتِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

دَافِعٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ فِعْلَ الشَّرِيكِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَضْمَنْ

(قَوْلُهُ: الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقَعَا عَلَى الْمَقْتُولِ بِلَا قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ فِعْلُهُمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ وَقَعَا بِلَا قَصْدٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِهِمَا (قَوْلُهُ لِشُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ) بِأَنْ كَانَ فِعْلُهُ خَطَأً وَلَوْ حُكْمًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ) كَالصِّبَا وَدَفْعِ الصَّائِلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا) تَقَدَّمَ الْعَمْدُ أَوْ تَأَخَّرَ

(قَوْلُهُ: نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ) فِي شِبْهِ الْعَمْدِ

(قَوْلُهُ: وَنِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ فِي الْخَطَأِ

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا بَعْدَهَا) هُوَ قَوْلُهُ مَضْمُونًا إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ طَرَفُهُ فَقَطْ) أَيْ: وَعَلَى الثَّانِي ضَمَانُ فِعْلِهِ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) غَايَةً، وَقَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَهُ أَيْ أَوْجَبَ جُرْحَهُ الْقِصَاصَ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) وَخَالَفَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ تِلْكَ فِي الْمُذَفِّفِ الَّذِي يَقْتُلُ سَرِيعًا وَهَذِهِ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْجَارِحِ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الدَّوَاءَ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهَا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمُوحٍ) بِمُوَحَّدَةٍ، وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ قَاتِلٌ سَرِيعًا

(قَوْلُهُ: لَوْ كَحَلَ) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ بِتَنْوِينِ جَارِحٍ الْمَجْرُورِ بِإِضَافَةِ شَرِيكٍ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكٍ دَافَعَ الصَّائِلِ فِي الدَّفْعِ، فَالصُّورَةُ أَنَّ دَافِعَ الصَّائِلِ جَرَحَهُ لِلدَّفْعِ ثُمَّ بَعْدَ الدَّفْعِ جَرَحَهُ آخَرُ فَمَاتَ بِهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَهُ، وَإِلَّا فَالْمَالُ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا دِيَةَ، أَمَّا مَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ دَاوَاهُ آخَرُ. غَيْرُ الْجَارِحِ)

لَفْظٌ آخَرُ سَاقِطٌ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَرَزُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: غَيْرُ الْجَارِحِ فَهُوَ زِيَادَةٌ عَنْ الْمُحْتَرَزِ تَقْيِيدٌ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَيْ غَيْرُ الْجَارِحِ وَانْظُرْ حُكْمَ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَاوِي هُوَ الْجَارِحُ (قَوْلُهُ: بِمُوَحٍّ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ مُسْرِعٍ لِلْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ.) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ إفْتَاءَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>