للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ فَعَلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي مُدَاوَاتِهِ بِهَذَا الدَّوَاءِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ قَطَعَ سِلْعَةَ مُكَلَّفٍ بِإِذْنِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَنُصَّ الْمَرِيضُ عَلَى دَوَاءٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ الطَّبِيبِ الضَّمَانُ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ هُوَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كَانَ هَدَرًا، وَمِنْ الدَّوَاءِ خِيَاطَةُ جُرْحِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ خَاطَ فِي لَحْمٍ حَيٍّ وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَالْقَوَدُ، وَإِنْ آلَ الْحَالُ لِلْمَالِ فَنِصْفُ دِيَةٍ، وَإِنْ خَاطَهُ وَلِيٌّ لِلْمَصْلَحَةِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا عَلَى الْجَارِحِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَالْكَيُّ كَالْخِيَاطَةِ

(وَلَوْ) (ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ فَقَتَلُوهُ وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ غَيْرَ قَاتِلٍ) لَوْ انْفَرَدَ (فَفِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَجِبُ إنْ تَوَاطَئُوا) أَيْ تَوَافَقُوا عَلَى ضَرْبِهِ وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَهُ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهَا لَوْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ فِي نَفْسِهَا وَيُقْصَدُ بِهَا الْإِهْلَاكُ مُطْلَقًا وَالضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ إلَّا بِالْمُوَالَاةِ مِنْ وَاحِدٍ، وَالتَّوَاطُؤِ مِنْ جَمْعٍ، وَلَوْ آلَى الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ وَبِحَسَبِ الرُّءُوسِ فِي الْجِرَاحَاتِ.

وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ.

وَالثَّالِثُ عَلَى الْجَمِيعِ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى الْقَتْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَ ضَرْبُ كُلٍّ قَاتِلًا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ جَزْمًا (وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا) وَالْعِبْرَةُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ بِالزُّهُوقِ كَمَا مَرَّ (قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (أَوْ مَعًا) بِأَنْ مَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ جُهِلَتْ الْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ فَالْمُرَادُ الْمَعِيَّةُ وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ بِقَتْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمْ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمْ (فَبِالْقُرْعَةِ) يُقَدَّمُ حَتْمًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (الدِّيَاتُ) ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَاتٌ لَوْ كَانَتْ خَطَأً لَمْ تَتَدَاخَلْ فَفِي التَّعَمُّدِ أَوْلَى

(قُلْت فَلَوْ قَتَلَهُ) مِنْهُمْ (غَيْرُ الْأَوَّلِ) فِي الْأُولَى وَغَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فِي الثَّانِيَةِ (عَصَى) وَعُزِّرَ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ غَيْرِهِ (وَقَعَ قِصَاصًا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (وَلِلْأَوَّلِ) وَمَنْ بَعْدَهُ (دِيَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَأْسِهِ مِنْ الْقَوَدِ وَالْمُرَادُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ دِيَةُ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ لَا الْقَاتِلِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَوْلِيَاءُ الْقَتْلَى جَمِيعًا وَقَعَ الْقَتْلُ عَنْهُمْ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ حَقِّهِ وَلَهُ ثُلُثَا الدِّيَةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: خِيَاطَةُ جُرْحِهِ) أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي خِيَاطَتِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَهَدَرٌ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ

(قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ عَلَى مَنْ خَاطَ حَيْثُ عَلِمَ بِحَالِ الْجُرْحِ وَتَعَمَّدَ (قَوْلُهُ: فَنِصْفٌ دِيَةٍ) أَيْ عَلَى مَنْ خَاطَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَاطَهُ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ) أَيْ التَّوَاطُؤُ

(قَوْلُهُ: وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ) أَيْ حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْ، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَصْلِ الضَّرْبِ، وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهِ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ الْمُتَيَقَّنُ وَوُقِفَ الْأَمْرُ فِيمَا بَقِيَ إلَى الصُّلْحِ

(قَوْلُهُ: لَوْ انْفَرَدَتْ وَجَبَ) أَيْ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ دِيَةُ عَمْدٍ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ جَزْمًا) أَيْ تَوَاطَئُوا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ قَاتِلٌ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مَعًا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ يُؤْخَذُ مِنْهَا تَقْيِيدٌ لِمَا مَرَّ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الدَّوَاءِ خِيَاطَةُ جُرْحِهِ) أَيْ بِأَنْ خَاطَ جُرْحَ نَفْسِهِ الَّذِي جَرَحَهُ لَهُ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ عَلَى جَارِحِهِ

(قَوْلُهُ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهَا) وَصْفٌ لِلضَّرَبَاتِ الْخَاصَّةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ) كَانَ يَنْبَغِي بِالنَّظَرِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلِلْأَوَّلِ وَلِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ وَغَيْرِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>