للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، فَلَوْ قَالَ الْمُقْتَصُّ تَوَلَّدَتْ بِاضْطِرَابِك فَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ (خَطَأً) كَأَنْ اضْطَرَبَتْ يَدُهُ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (أَوْ) عَمْدًا وَلَكِنَّهُ (عُفِيَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ) لَهُ (أَرْشٌ كَامِلٌ) لِمُخَالَفَةِ حُكْمِهِ حُكْمَ الْأَصْلِ (وَقِيلَ قِسْطٌ) مِنْهُ بَعْدَ تَوْزِيعِ الْأَرْشِ عَلَيْهِمَا لِاتِّحَادِ الْجَارِحِ وَالْجِرَاحَةِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ اتِّحَادِ الْجِرَاحَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا حَقٌّ

(وَلَوْ) (أَوْضَحَهُ جَمْعٌ) بِأَنْ تَحَامَلُوا عَلَى آلَةٍ وَجَرُّوهَا مَعًا (أُوضِحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (مِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ مُوضِحَتِهِ لَا قِسْطُهُ مِنْهَا فَقَطْ؛ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَكُلٌّ مِنْهُمْ جَانٍ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي قَطْعِ عُضْوٍ، فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ لِلدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ، كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا (وَقِيلَ) يُوضَحُ (قِسْطُهُ) مِنْ الْمُوضِحَةِ لِإِمْكَانِ التَّجَزُّؤِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِإِمْكَانِهِ مَعَ وُجُودِ مُوضِحَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ كُلٍّ

(وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ) مِنْ نَحْوِ يَدٍ (بِشَلَّاءَ) بِالْمَدِّ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا كَمَا لَا تُؤْخَذُ عَيْنٌ بَصِيرَةٌ بِعَمْيَاءَ (وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي) لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ أَنْفٍ وَأُذُنٍ، أَمَّا هُمَا فَيُؤْخَذُ صَحِيحُهُمَا بِأَشَلِّهِمَا وَمَجْدُوعِهِمَا إنْ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ لِبَقَاءِ مَنْفَعَتِهِمَا مِنْ جَمْعِ الصَّوْتِ وَالرِّيحِ، وَمُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ غَيْرُ مُلَاقِيَةٍ لِذَلِكَ، وَفِيمَا إذَا لَمْ تَضُرَّ الْجِنَايَةُ نَفْسًا، وَإِلَّا أُخِذَتْ صَحِيحَةٌ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ بِالشَّلَّاءِ وَالنَّاقِصَةِ، وَشَلَّاءُ بِشَلَّاءَ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ لِذَهَابِ النَّفْسِ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَطْعَ شَلَّاءَ بِشَلَّاءَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ اسْتَوَى شَلَلُهُمَا أَوْ زَادَ شَلَلُ الْجَانِي، وَأُمِنَ فِيهِمَا نَزْفُ الدَّمِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحَادِثٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، فَلَوْ جَنَى سَلِيمٌ عَلَى يَدٍ شَلَّاءَ ثُمَّ شَلَّ لَمْ يُقْطَعْ (فَلَوْ فَعَلَ) أَيْ أَخَذَ صَحِيحَةً بِشَلَّاءَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْجَانِي (لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ (بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَشَلِّ (فَلَوْ سَرَى) قَطْعُهَا لِنَفْسِهِ (فَعَلَيْهِ) حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْقَطْعِ (قِصَاصُ النَّفْسِ) لِتَفْوِيتِهَا ظُلْمًا أَمَّا إذَا أَذِنَهُ فَلَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ، فَإِنْ قَالَ خُذْهُ قَوَدًا فَفَعَلَ فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَوْفٍ بِذَلِكَ حَقَّهُ، وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهُ وَلَهُ حُكُومَةٌ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

(وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ) ؛ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ (لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ) لَوْ قُطِعَتْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فَيُهْدَرُ النِّصْفُ) أَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى مَا يَأْتِي لَهُ فِيمَا لَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ يُوَزَّعُ الْأَرْشُ عَلَيْهِمْ، أَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلًّا أَرْشٌ كَامِلٌ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْتَصَّ أَرْشٌ كَامِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ فَجَرُّوهَا وَذَلِكَ يُوجِبُ اشْتِرَاكَ الْأَمْرِ بَيْنَ الْجَمِيعِ عَلَى السَّوَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِاضْطِرَابِهِمَا فَقَدْ يَكُونُ الْأَثَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ مِنْ الْآخَرِ

(قَوْلُهُ: أَرْشٌ كَامِلٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ جُعِلَ مُوضِحَةً مُسْتَقِلَّةً فَيَجِبُ أَرْشُهَا كَامِلًا

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا لَمْ تَضُرَّ) أَيْ تُتْلِفْ إنْ كَانَتْ النُّسْخَةُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ وَسِرَايَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَتَحَوَّلْ الْوَاجِبُ مِنْ كَوْنِهِ عُضْوًا إلَى كَوْنِهِ نَفْسًا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي كَلَامِهِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا إذْنِهِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا إذْنٍ قَيْدٌ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ قِصَاصًا، وَقَوْلُهُ حَيْثُ لَا إذْنَ تَقْيِيدٌ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: قِصَاصُ النَّفْسِ) وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَشَلِّ

(قَوْلُهُ: فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: اقْطَعْهَا قِصَاصًا تَضَمَّنَ جَعْلَهَا عِوَضًا، وَكَوْنُهَا عِوَضًا فَاسِدٌ فَيَجِبُ بَدَلُهَا وَهُوَ الدِّيَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا لَمْ تُسْتَحَقَّ نَفْسُ الْجَانِي) فِي نُسَخٍ بَدَلَ هَذَا: وَفِيمَا إذَا لَمْ تَضُرَّ الْجِنَايَةُ نَفْسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>