بِأَنْ لَمْ تَنْسَدَّ أَفْوَاه الْعُرُوقِ بِحَسْمِ نَارٍ وَلَا غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ لِتَرَدُّدِهِمْ أَوْ فَقْدِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا قَطْعَ بِهَا وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي حَذَرًا مِنْ اسْتِيفَاءِ نَفْسٍ بِطَرَفٍ وَتَجِبُ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ (وَيَقْنَعُ) بِالرَّفْعِ (بِهَا) لَوْ قُطِعَتْ بِأَشَلَّ أَوْ بِصَحِيحٍ (مُسْتَوْفِيهِمَا) وَلَا يَطْلُبُ أَرْشَ الشَّلَلِ لِاسْتِوَائِهِمَا جِرْمًا، وَاخْتِلَافُهُمَا صِفَةً لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِمَالٍ، وَلِهَذَا لَوْ قُتِلَ قِنٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ بِحُرٍّ أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ يَجِبْ زَائِدٌ
(وَيُقْطَعُ سَلِيمٌ) يَدًا أَوْ رِجْلًا (بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ) خِلْقَةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ.
وَالْعَسَمُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ تَشَنُّجٌ فِي الْمَرْفِقِ أَوْ قِصَرٌ فِي السَّاعِدِ أَوْ الْعَضُدِ، وَقِيلَ مَيَلٌ وَاعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ، وَقِيلَ الْأَعْسَمُ الْأَعْسَرُ، وَهُوَ مَنْ بَطْشُهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرُ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ هُنَا (وَلَا أَثَرَ لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا) فَيُؤْخَذُ بِطَرَفِهَا السَّلِيمِ أَظْفَارُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الْعُضْوِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ (وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ) خِلْقَةً أَوْ لَا (بِسَلِيمَتِهَا) وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَظْفَارِ (دُونَ عَكْسِهِ) لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَظْفَارَ تَابِعَةٌ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى، وَالْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ
(وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا) تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَإِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أَوْ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الظَّرْفِ عَلَى الْأَصَحِّ (كَالْيَدِ) لِذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقْطَعُ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ، وَيُقْطَعُ أَشَلُّ بِصَحِيحٍ وَبِأَشَلَّ بِالشَّرْطِ الْمَارِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُ فِيهِ لَا فِي نَحْوِ خُضْرَةِ الْأَظْفَارِ وَسَوَادِهَا لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ هُنَا، وَالشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَالْحَرَكَةُ (وَ) أَمَّا الذَّكَرُ (الْأَشَلُّ) فَهُوَ (مُنْقَبِضٌ لَا يَنْبَسِطُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ مُنْبَسِطٌ لَا يَنْقَبِضُ فَهُوَ مَا يَلْزَمُ حَالَةً وَاحِدَةً (وَلَا أَثَرَ لِلِانْتِشَارِ وَعَدَمِهِ فَيُقْطَعُ فَحْلٌ) أَيْ ذَكَرُهُ (بِخَصِيٍّ) أَيْ بِذَكَرِهِ وَهُوَ مَنْ قُطِعَ أَوْ سُلَّ خُصْيَتَاهُ، وَمَرَّ أَنَّهُمَا يُطْلَقَانِ لُغَةً عَلَى جِلْدَتَيْهِمَا أَيْضًا (وَ) ذَكَرِ (عِنِّينٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: اقْطَعْهَا فَإِنَّ الْقَطْعَ حِينَئِذٍ بِإِذْنٍ مِنْهُ فَيَقَعُ هَدَرًا وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِرِضَاهُ
(قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَوْ فَقْدِهِمْ) اُنْظُرْ هَلْ يَكْفِي فَقْدُهُمْ بِبَلَدِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ أَنْ لَا يُوجَدَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ
(قَوْلُهُ: وَيَقْنَعُ بِالرَّفْعِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الصِّفَةَ
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا كَانَ بِآفَةٍ احْتِرَازًا عَمَّا كَانَ بِجِنَايَةٍ فَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا) أَيْ مَعَانِيهَا صَحِيحَةٌ مُرَادَةٌ هُنَا
(قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا تُقْطَعُ سَلِيمَةُ الْأَظْفَارِ بِذَاهِبَتِهَا.
قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَكِنْ تَكْمُلُ دِيَتُهَا: أَيْ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْقَطْعُ) أَيْ نَقْطَعُ سَلِيمَةَ الْأَظْفَارِ بِفَاقِدَتِهَا
(قَوْلُهُ وَالذَّكَرُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالْيَدِ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ فِي مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ خِلَافًا وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْجَوَازُ، وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْقَبِضٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: يَدًا أَوْ رِجْلًا) تَمْيِيزَانِ فَالسَّلِيمُ وَاقِعٌ عَلَى الشَّخْصِ لَا عَلَى الْعُضْوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ (قَوْلُهُ: أَوْ قِصَرٍ فِي السَّاعِدِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَقْصَرَ مِنْ الْأُخْرَى، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا لَا تُقْطَعُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ هُنَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ الصُّورَةَ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ الْجَانِيَ قَطَعَ يَمِينَهُ الَّتِي هِيَ قَلِيلَةُ الْبَطْشِ (قَوْلُهُ: السَّلِيمُ) نَائِبُ فَاعِلِ يُؤْخَذُ وَالضَّمِيرُ فِي طَرَفِهَا لِلْأَظْفَارِ الَّذِي فِيهِ الْخُضْرَةُ أَوْ السَّوَادُ: أَيْ الطَّرَفُ الَّذِي هِيَ فِيهِ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلِيمِ وَأَظْفَارُهُ فَاعِلُ السَّلِيمِ
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ عَلَى إعْرَابِ الْحَالِ إذْ التَّقْدِيرُ عَلَيْهِ وَالذَّكَرُ حَالَ كَوْنِهِ صَحِيحًا أَوْ أَشَلَّ، كَالْيَدِ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ: أَيْ صَحِيحَةً أَوْ شَلَّاءَ لَا عَلَى إعْرَابِ التَّمْيِيزِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَوْلَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُمَا يُطْلَقَانِ لُغَةً عَلَى جِلْدَتَيْهِمَا أَيْضًا) قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى مَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ