غَيْرِ النَّفْسِ حَذَرًا مِنْ الزِّيَادَةِ بِاضْطِرَابِهِ، وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ كَمَا فِي السَّيِّدِ وَالْقَاتِلِ فِي الْحِرَابَةِ وَالْمُسْتَحِقِّ الْمُضْطَرِّ أَوْ الْمُنْفَرِدِ بِحَيْثُ لَا يُرَى كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا سِيَّمَا إنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) مُسْتَحِقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَاعْتُدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ) الْإِمَامُ (لِأَهْلٍ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فِي نَفْسٍ) طَلَبَ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ أَحْسَنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْبَقِيَّةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَا مِنْ الْحَيْفِ (لَا) فِي اسْتِيفَاءِ (طَرَفٍ) أَوْ إيضَاحٍ أَوْ مَعْنًى كَعَيْنٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِيَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ فِي اسْتِيفَاءِ تَعْزِيرٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ.
أَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ كَشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ وَذِمِّيٍّ لَهُ قَوَدٌ عَلَى مُسْلِمٍ لِكَوْنِهِ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ، وَفِي نَحْوِ الطَّرَفِ فَيَأْمُرُهُ بِالتَّوْكِيلِ لِأَهْلٍ كَمُسْلِمٍ فِي الْأَخِيرَةِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلْجَانِي لِئَلَّا يُعَذِّبَهُ، وَلَوْ قَالَ جَانٍ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي لَمْ يُجَبْ؛ لِأَنَّ التَّشَفِّيَ لَا يَتِمُّ بِفِعْلِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَوَانَى فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ، فَإِنْ أُجِيبَ أَجْزَأَ فِي الْقَطْعِ لَا الْجَلْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوهِمُ الْإِيلَامَ وَلَمْ يُؤْلَمْ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْزَأَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَطْعُ السَّارِقِ لَا جَلْدُ الزَّانِي أَوْ الْقَاذِفِ لِنَفْسِهِ (فَإِنْ) (أَذِنَ لَهُ) أَيْ لِلْأَهْلِ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ (وَإِنْ قَالَ) كُنْت (أَخْطَأْتُ وَأَمْكَنَ) كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ كَتِفَهُ مِمَّا يَلِي عُنُقَهُ (عَزَلَهُ) ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَزْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ عُرِفَتْ مَهَارَتُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) إذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَخْطَأَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ.
أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ كَأَنْ ضَرَبَ وَسَطَهُ فَكَالْمُتَعَمِّدِ
(وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) حَيْثُ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ مِنْ نُصِّبَ لِاسْتِيفَاءِ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ وُصِفَ بِأَغْلَبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَقُولَ لِشَخْصٍ: أَمْسِكْ يَدَهُ حَتَّى لَا يَزِلَّ الْجَلَّادُ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي
(قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ) اُنْظُرْ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِلْعِلَّةِ لِمَا أَشَارُوا إلَيْهِ مِنْ الضَّرُورَةِ فِي غَيْرِ السَّيِّدِ.
وَأَمَّا فِيهِ فَلِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَا افْتِيَاتَ عَلَيْهِ أَصْلًا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَقَلَّ مُسْتَحِقُّهُ) أَيْ أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ إمَامًا فَيُقْتَلُ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَأْذَنُ الْإِمَامُ لِأَهْلٍ) مِنْ شُرُوطِ الْأَهْلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ قَوِيَّ الضَّرْبِ عَارِفًا بِالْقَوَدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَحْسَنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْبَقِيَّةُ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ.
فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا فَقُرْعَةٌ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ هُنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَقِلُّونَ بِاسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَطَرِيقُهُمْ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ أَوَّلًا عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ يَسْتَأْذِنُونَ الْإِمَامَ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّهُ إذَا مَسَّتْهُ الْحَدِيدَةُ فَيَرْفَعُ يَدَهُ وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَّا بِأَنْ يُعَذِّبَ نَفْسَهُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اهـ.
وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَخْ بِشُمُولِ الْمَسْأَلَةِ الِاقْتِصَاصَ فِي النَّفْسِ حَتَّى إذَا أُجِيبَ أَجْزَأَ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أُجِيبَ فَهَلْ يَجْزِي؟ وَجْهَانِ اهـ.
وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم لَمْ يَصِحَّ: أَيْ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي الْوَكِيلِ تَمَامَ الْحَيَاةِ إلَى تَمَامِ مَا وُكِّلَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: قَطْعُ السَّارِقِ) أَيْ لِنَفْسِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَكَالْمُتَعَمِّدِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْذَرَ إلَّا إذَا اعْتَرَفَ بِالتَّعَمُّدِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) وَيُعْتَبَرُ فِي مِقْدَارِهَا مَا يَلِيقُ بِفِعْلِ الْجَلَّادِ حَدًّا كَانَ أَوْ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ فِي الْحِرَابَةِ) أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْإِمَامِ الِانْفِرَادُ بِقَتْلِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ فِي الْأَخِيرَةِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَكِيلُ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّوْكِيلِ