للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْصَافِهِ (عَلَى الْجَانِي) الْمُوسِرِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اُتُّجِهَ كَوْنُ الْمُؤْنَةِ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ

(وَيُقْتَصُّ) فِي نَفْسٍ وَطَرَفٍ وَمِثْلُهُمَا جَلْدُ الْقَذْفِ (عَلَى الْفَوْرِ) إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوَدِ الْإِتْلَافُ فَعُجِّلَ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَلْزَمُ الْإِجَابَةُ لَهُ (وَ) يُقْتَصُّ فِيهِمَا (فِي الْحَرَمِ) وَإِنْ الْتَجَأَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَسْجِدِهِ أَوْ الْكَعْبَةِ فَيُخْرَجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيُقْتَلُ مَثَلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا بِدَمٍ» وَيُخْرَجُ أَيْضًا مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ خُشِيَ تَنَجُّسُ بَعْضِهَا فَإِنْ اقْتَصَّ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَأَمِنَ التَّلْوِيثَ كُرِهَ (وَ) يُقْتَصُّ فِيهِمَا فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ) وَإِنْ لَمْ تَقَعْ الْجِنَايَةُ فِيهَا بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ مِمَّا هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَحَقِّ اللَّهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ

(وَتُحْبَسُ) وُجُوبًا بِطَلَبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَبِطَلَبِ وَلِيِّهِ (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًا وَإِنْ حَدَثَ حَمْلُهَا بَعْدَ تَوَجُّهِ الْقُرْبِ عَلَيْهَا (فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ) وَجَلْدِ الْقَذْفِ (حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَيَسْتَغْنِيَ بِغَيْرِهَا) كَبَهِيمَةٍ يَحِلُّ لَبَنُهَا صِيَانَةً لَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرَاضِعُ مِنْ إرْضَاعِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَجْبَرَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ بِالْأُجْرَةِ وَلَا يُؤَخِّرُ الِاسْتِيفَاءَ (أَوْ) بِوُقُوعِ (فِطَامٍ) لَهُ (لِحَوْلَيْنِ) إذَا ضَرَّهُ النَّقْصُ عَنْهُمَا وَإِلَّا نَقَصَ، وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْفِعْلِ، فَقَدْ يُعْتَبَرُ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَبْحِ الْبَهِيمَةِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لَا تَحْصُلُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ بِخِلَافِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَانِي الْمُوسِرِ) يَخْرُجُ الْجَانِي الرَّقِيقُ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ تَبَيَّنَ زَوَالُ الْمِلْكِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَنِيٌّ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ: إمَّا أَنْ تَغْرَمَ الْأُجْرَةَ لِتَصِلَ إلَى حَقِّك أَوْ تُؤَخِّرَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى أَنْ تَتَيَسَّرَ الْأُجْرَةُ إمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: جَلْدُ الْقَذْفِ) يَنْبَغِي وَالتَّعْزِيرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى مَسْجِدِهِ) أَيْ الْحَرَمِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ خَشِيَ تَنَجُّسَ بَعْضِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا؛ لِأَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ

(قَوْلُهُ: فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يُؤَخَّرُ: أَيْ الْقِصَاصُ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ، وَلَوْ فِي الْأَطْرَافِ وَيَقْطَعُهَا مُتَوَالِيَةً وَلَوْ فُرِّقَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي قَوَدِ مَا سِوَى النَّفْسِ التَّأَخُّرُ لِلِانْدِمَالِ، فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ لِغَيْرِ النَّفْسِ حَتَّى يَزُولَ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ وَالْمَرَضُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ لَمْ تُحْبَسْ وَإِنْ خِيفَ هَرَبًا؛ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَبِطَلَبِ وَلِيِّهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ حَبْسُهَا لِمَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَلْدُ الْقَذْفِ) هَلْ التَّعْزِيرُ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَيَنْبَغِي أَنَّهُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ التَّعْزِيرُ اللَّائِقُ بِهَا شَدِيدًا يَقْتَضِي الْحَالُ تَأْخِيرَهُ لِلْحَمْلِ وَخَرَجَ بِهِ جَلْدُهَا لِلْخَمْرِ فَلَا تُحْبَسُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ.

وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ زَنَتْ بِكْرًا وَأُرِيدَ تَغْرِيبُهَا فَهَلْ تُغَرَّبُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: أَمَّا حَقُّهُ تَعَالَى فَلَا تُحْبَسُ فِيهِ بَلْ تُؤَخَّرُ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَتُغَرَّبُ وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ التَّغْرِيبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ ع: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ حِفْظُهُ مُجْتَنًّا فَمَوْلُودٌ أَوْلَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: عَقِبَ الْوِلَادَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَنْتَهِي بِهِ، وَقَالَ حَجّ: وَالْمَرْجِعُ فِي مُدَّتِهِ الْعُرْفُ اهـ

(قَوْلُهُ: أَجْبَرَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَامِلِ أَنَّهُ لَوْ صَالَتْ هِرَّةٌ حَامِلٌ وَأَدَّى دَفْعُهَا لِقَتْلِ جَنِينِهَا لَا تُدْفَعُ، وَفِي ذَلِكَ كَلَامٌ فِي بَابِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) يَعْنِي: الْمُسْتَحِقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>