فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ نِصْفِهِ وَيَحْلِفُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُ النِّسْبَةِ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ فِيهِ (بِاجْتِهَادِ قَاضٍ) لِتَعَذُّرِ الْأَرْشِ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى النَّقْصِ هُنَا، وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي إلَّا إنْ عَيَّنَ الْمُدَّعِي النَّقْصَ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُتَيَقَّنَ، نَعَمْ لَوْ ذَكَرَ قَدْرًا دَلَّ الِامْتِحَانُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا مَا ذَكَرَهُ مَا لَمْ يُجَدِّدْ دَعْوَى فِي الثَّانِي وَيَطْلُبْهُ (وَقِيلَ يُعْتَبَرُ سَمْعُ قَرْنِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ مِنْ سِنِّهِ كَسِنِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ (فِي صِحَّتِهِ وَيُضْبَطُ التَّفَاوُتُ) بَيْنَ سَمْعَيْهِمَا وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الِانْضِبَاطَ فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ (وَإِنْ) (نَقَصَ) السَّمْعُ (مِنْ أُذُنٍ سُدَّتْ وَضُبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ عُكِسَ) (وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ) مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَسَافَتَيْ السَّامِعَةِ وَالْأُخْرَى النِّصْفُ فَلَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ رُبْعَ سَمْعِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَحُكُومَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
(وَفِي) إبْطَالِ (ضَوْءِ كُلِّ عَيْنٍ) وَلَوْ عَيْنَ أَخْفَشَ وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ، وَأَعْشَى وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ تَكْمُلُ فِيهَا الدِّيَةُ (نِصْفُ دِيَةٍ) كَالسَّمْعِ (فَلَوْ فَقَأَهَا) بِالْجِنَايَةِ الْمُذْهِبَةِ لِلضَّوْءِ (لَمْ يَزِدْ) لَهَا حُكُومَةً؛ لِأَنَّ الضَّوْءَ فِي جِرْمِهَا (وَإِنَّ) (ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) وَأَنْكَرَ الْجَانِي (سُئِلَ) أَوَّلًا (أَهْلُ الْخِبْرَةِ) هُنَا وَلَا يَمِينَ لَا فِي السَّمْعِ؛ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ لَهُمْ طَرِيقًا فِيهِ، فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ، بِخِلَافِ السَّمْعِ لَا يُرَاجِعُونَ فِيهِ؛ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى إخْبَارِهِمْ بِبَقَاءِ السَّمْعِ فِي مَقَرِّهِ وَفِي تَقْدِيرِهِمْ مُدَّةً لِعَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى بَقَائِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْإِدْرَاكِ أَوْ عَوْدِهِ بَعْدَ زَوَالِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الِامْتِحَانُ أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ إذْ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ غَيْرُ الِامْتِحَانِ فَعُمِلَ بِهِ دُونَ سُؤَالِهِمْ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ يُعْرَفُ زَوَالُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي مَحَلِّ الْخَبِيرَيْنِ مَا هُوَ حَتَّى لَوْ فُقِدَا مِنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَوُجِدَا فِي غَيْرِهِ هَلْ يَجِبُ قَصْدُهُمَا أَوَّلًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ عَلَى مُرِيدِ إسْقَاطِ الْأَرْشِ قَصْدُهُمَا، وَإِلَّا فَلَا، أَوْ يُقَالُ: لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَسَافَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِزَوَالِهِ وَجَبَ الْأَرْشُ عَلَى الْجَانِي، فَإِنْ أَحْضَرَهُمَا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُ وَإِلَّا طُولِبَ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِالْأَرْشِ ظَاهِرًا حَتَّى يُوجَدَ مَا يُسْقِطُهُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيْنَ أَخْفَشَ) أَيْ خِلْقَةً.
أَمَّا لَوْ كَانَ بِجِنَايَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ وَاجِبُهَا مِنْ الدِّيَةِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ. [فَرْعٌ]
وَإِنْ أَعْشَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ، وَفِي الْإِعْشَاءِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ الدِّيَةُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّهْذِيبِ نِصْفُهَا، وَإِنْ أَعْمَشَهُ أَوْ أَخْفَشَهُ أَوْ أَحْوَلَهُ فَحُكُومَةٌ، كَذَا فِي الرَّوْضِ.
وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: لَوْ جَنَى عَلَى شَخْصٍ فَصَارَ أَعْمَشَ أَوْ أَخْفَشَ أَوْ أَحُولَ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ، وَكَذَا لَوْ صَارَ أَعْشَى خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ؛ إذْ الْأَعْشَى كَغَيْرِهِ، وَلَوْ صَارَ شَاخِصَ الْحَدَقَةِ فَإِنْ نَقَصَ ضَوْءُهَا لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِ الذَّاهِبِ إنْ انْضَبَطَ وَحُكُومَةِ إشْخَاصِهَا، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ انْتَهَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: قَوْلُ سم بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ: أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ صَارَ أَعْشَى ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ مُعْتَمَدٌ.
وَفِي حَجّ: تَنْبِيهٌ: لَوْ أَعْشَاهُ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهِ فَصَارَ يُبْصِرُ نَهَارًا لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ تَوْزِيعًا عَلَى إبْصَارِهِ نَهَارًا وَلَيْلًا.
وَإِنْ أَخْفَشَهُ بِأَنْ صَارَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ عَلَى مَا فِي الْأَرْضِ، وَأَقَرَّهُ شَارِحُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ عَدَمَ الْإِبْصَارِ لَيْلًا يَدُلُّ عَلَى نَقْصٍ حَقِيقِيٍّ فِي الضَّوْءِ؛ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ عَدَمِهِ نَهَارًا فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى ضَعْفِ قُوَّةِ ضَوْئِهِ عَلَى أَنْ تُعَارِضَ ضَوْءَ النَّهَارِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَزِدْ لَهَا حُكُومَةٌ) لَكِنْ لَوْ قَلَعَ الْحَدَقَةَ مَعَ ذَلِكَ وَجَبَ لَهَا حُكُومَةٌ شَيْخُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِكَلَامِ سم أَنَّهُ قَلَعَ اللَّحْمَةَ الَّتِي تَنْطَبِقُ عَلَيْهَا الْأَجْفَانُ، وَالْمُرَادُ بِالْقِنِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَزَالَ الضَّوْءَ بِجِرَاحَةٍ فِي اللَّحْمِ مَعَ بَقَاءِ صُورَتِهِ
(قَوْلُهُ: سُئِلَ أَوَّلًا أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .