بِسُؤَالِهِمْ وَبِالِامْتِحَانِ، بَلْ الْأَوَّلُ أَقْوَى وَمِنْ ثُمَّ قَالَ (أَوْ يُمْتَحَنُ) بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ تَوَقُّفِهِمْ عَنْ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ (بِتَقْرِيبِ) نَحْوِ (عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً، وَنُظِرَ هَلْ يَنْزَعِجُ) فَيَحْلِفُ الْجَانِي لِظُهُورِ كَذِبِ خَصْمِهِ أَوْ لَا فَيَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِظُهُورِ صِدْقِهِ؟ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَمْلِ أَوْ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّنْوِيعِ لَا التَّخْيِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْمَذْهَبَ تَعَيُّنُ سُؤَالِهِمْ لِضَعْفِ الِامْتِحَانِ؛ إذْ يَعْلُو الْبَصَرَ أَغْشِيَةٌ تَمْنَعُ انْتِشَارَ الضَّوْءِ مَعَ وُجُودِهِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَعَذُّرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَلِذَا ضَعُفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْحَاكِمِ (وَإِنْ نَقَصَ فَكَالسَّمْعِ) فَفِي نَقْصِ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَعًا إنْ عُرِفَ بِأَنْ كَانَ يَرَى لِحَدٍّ فَصَارَ يَرَى لِنِصْفِهِ قِسْطَهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَمِنْ عَيْنٍ تُعْصَبُ هِيَ وَيُوقَفُ شَخْصٌ فِي مَحَلٍّ يَرَاهُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّبَاعُدِ حَتَّى يَقُولَ: لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفَ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبَ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقَ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيُضْبَطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ، وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَوْ اُتُّهِمَ بِزِيَادَةِ الصَّحِيحَةِ وَنَقْصِ الْعَلِيلَةِ اُمْتُحِنَ فِي الصَّحِيحَةِ بِتَغْيِيرِ ثِيَابِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَبِالِانْتِقَالِ لِبَقِيَّةِ الْجِهَاتِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ الْغَايَاتُ فَصَادِقٌ وَإِلَّا فَلَا، وَيَأْتِي نَحْوُ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهُمْ فِي السَّمْعِ صَوَّرُوهُ بِأَنْ يَجْلِسَ بِمَحَلٍّ وَيُؤْمَرَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ ثُمَّ يَقْرُبَ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ سَمِعْته فَيُعْلَمَ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي تَصْوِيرِ الْبَصَرِ بِأَمْرِهِ بِالتَّبَاعُدِ أَوَّلًا فِي مَحَلٍّ يَرَاهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَهُوَ أَوْجُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَصَرَ يَحْصُلُ لَهُ تَفَرُّقٌ وَانْتِشَارٌ عِنْدَ الْبُعْدِ فَلَا يُتَيَقَّنُ أَوَّلُ رُؤْيَتِهِ حِينَئِذٍ فَأُمِرَ فِيهِ بِالْقُرْبِ أَوَّلًا لِتَيَقُّنِ الرُّؤْيَةِ وَلِيَزُولَ احْتِمَالُ التَّفَرُّقِ، بِخِلَافِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ فِيهِ طَنِينٌ ثُمَّ أُمِرَ بِالتَّبَاعُدِ فَيَسْتَصْحِبُ ذَلِكَ الطَّنِينَ الْقَارُّ فِيهِ فَلَا يَنْضَبِطُ مُنْتَهَاهُ يَقِينًا، بِخِلَافِ مَا إذَا فُرِّعَ السَّمْعُ أَوَّلًا وَضُبِطَ فَإِنَّهُ يُتَيَقَّنُ مُنْتَهَاهُ فَعَمِلُوا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَحْوَطِ
(وَفِي الشَّمِّ دِيَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) كَالسَّمْعِ فَفِي إذْهَابِهِ مِنْ إحْدَى الْمَنْخِرَيْنِ نِصْفُ دِيَةٍ، وَلَوْ نَقَصَ وَانْضَبَطَ فَقِسْطُهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَيَأْتِي فِي الِارْتِتَاقِ هُنَا مَا مَرَّ فِي السَّمْعِ، وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ اُمْتُحِنَ، فَإِنْ هَشَّ لِرِيحٍ طَيِّبٍ وَعَبَسَ لِخَبِيثٍ حَلَفَ الْجَانِي وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ، وَلَا تُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ هُنَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: بَلْ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بِسُؤَالِهِمْ
(قَوْلُهُ: أَوْ يُمْتَحَنُ بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُ الْفَقْدِ هَلْ مِنْ الْبَلَدِ فَقَطْ أَوْ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ الْعَدْوَى أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ) بَقِيَ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِي تَصْوِيرِ مَعْرِفَةِ النَّقْصِ أَنَّهُ تُرْبَطُ الْعَلِيلَةُ أَوَّلًا وَتُطْلَقُ الصَّحِيحَةُ عَلَى مَا مَرَّ فَهَلْ ذَلِكَ تَصْوِيرٌ فَقَطْ أَوْ تَقْيِيدٌ كَمَا هُنَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ؛ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ رَبْطِ الْعَلِيلَةِ أَوَّلًا وَبَيْنَ عَكْسِهِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ
(قَوْلُهُ: مِنْ إحْدَى الْمَنْخِرَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَنْخِرٍ بِوَزْنِ مَجْلِسٍ ثُقْبُ الْأَنْفِ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْمِيمُ إتْبَاعًا لِكَسْرَةِ الْخَاءِ كَمَا قَالُوا مُنْتِنٍ وَهُمَا نَادِرَانِ؛ لِأَنَّ مُفْعِلًا لَيْسَ مِنْ الْمَشْهُورِ اهـ مُخْتَارٌ.
وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا فَتْحُهُمَا وَضَمُّهُمَا وَمَنْخُورٌ كَعُصْفُورٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَعَبَسَ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: مِنْهُمْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَمْلِ أَوْ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّنْوِيعِ) أَيْ الصَّادِقِ بِالتَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَالتَّرْتِيبُ الْمُرَادُ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَدَقَاتِ التَّنْوِيعِ لَا عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ عَنْ التَّخْيِيرِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ ضِدُّ التَّرْتِيبِ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْمَذْهَبُ تَعَيُّنُ سُؤَالِهِمْ انْتَهَتْ: أَيْ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذْ يَعْلُو الْبَصَرُ إلَخْ. لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْجِيهٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْمُسْتَظْهَرِ عَلَيْهِ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ لَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ مُطْلَقُ الِامْتِحَانِ بِالْمَسَافَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute