للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ وَالثَّانِي فِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ.

وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ الَّتِي هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْهَا

(وَفِي) إبْطَالِ (الْكَلَامِ) (دِيَةٌ) كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي هُنَا فِي الِامْتِحَانِ وَانْتِظَارِ الْعَوْدِ مَا مَرَّ، وَفِي إحْدَاثِ عَجَلَةٍ أَوْ نَحْوِ تَمْتَمَةٍ حُكُومَةٌ، وَهُوَ مِنْ اللِّسَانِ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ فَلَا يَجِبُ زِيَادَةٌ لِقَطْعِ اللِّسَانِ، وَكَوْنُ مَقْطُوعِهِ قَدْ يَتَكَلَّمُ نَادِرٌ جِدًّا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى التَّشْبِيهِ أَنَّ فِي قَطْعِ الْيَدِ الَّتِي ذَهَبَ بَطْشُهَا الدِّيَةُ، بِخِلَافِ اللِّسَانِ الَّذِي ذَهَبَ كَلَامُهُ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا جَمَالَ فِي هَذَا حَتَّى تَجِبَ فِي مُقَابَلَتِهِ بِخِلَافِ تِلْكَ فَوَجَبَتْ لِجَمَالِهَا كَأُذُنٍ مَشْلُولَةٍ خِلْقَةً

(وَفِي) إبْطَالِ (بَعْضِ الْحُرُوفِ) (قِسْطُهُ) إنْ بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْكَلَامِ (وَ) الْحُرُوفُ (الْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) فَلِكُلِّ حَرْفٍ رُبْعُ سُبْعِ دِيَةٍ وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرْكِيبِهَا مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا وَالنُّحَاةِ لِلْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ مَرْدُودٌ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ السَّاكِنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سِيبَوَيْهِ فَاسْتَغْنَوْا بِالْهَمْزَةِ عَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اهـ مُخْتَارٌ

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَةِ زَوَالِهِ

(قَوْلُهُ: هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ) أَيْ مُقَدِّمَاتُهُ الَّتِي تُوصِلُ إلَيْهِ الْمُدْرَكَاتِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الطَّلِيعَةُ الْقَوْمُ يُبْعَثُونَ أَمَامَ الْجَيْشِ يَتَعَرَّفُونَ طِلْعَ الْعَدُوِّ بِالْكَسْرِ: أَيْ خَبَرَهُ وَالْجَمْعُ طَلَائِعُ اهـ.

فَكَأَنَّ هَذِهِ الْحَوَاسَّ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ الْأَخْبَارَ بِجَامِعِ أَنَّهَا تُوصِلُ إلَيْهَا الصُّوَرَ الَّتِي تُدْرِكُهَا وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُهَا فَيَكُونُ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ عَلَى نُدُورٍ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ وَبَقِيَ نُطْقُهُ أَنَّهُ يَجِبُ حُكُومَةٌ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي قَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ آلَةَ النُّطْقِ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ هَذَا

(قَوْلُهُ: لِتَرْكِيبِهَا مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ) هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ لَا لَيْسَتْ عِبَارَةً عَمَّا تَرَكَّبَ مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ بَلْ سَمَّاهَا الْأَلِفَ اللَّيِّنَةَ كَالْأَلِفِ فِي قَالَ، وَمَوَاقِعُ الْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ غَيْرُ مَوَاقِعِ الْهَمْزَةِ.

ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ قَالَ مَا نَصُّهُ: لَا وَجْهَ لِتَضْعِيفِ كَلَامِ النُّحَاةِ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنَّ إطْلَاقَ الْأَلِفِ عَلَى الْأَعَمِّ لَا يَمْنَعُ النَّصَّ عَلَى كُلٍّ بِخُصُوصِهِ الَّذِي هُوَ أَبْيَنُ وَأَظْهَرُ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ، وَلَا وَجْهَ لِلتَّوْزِيعِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ كَوْنِ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ حَقِيقَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ لِلُزُومِ إهْدَارِ أَحَدِهِمَا فَالْوَجْهُ التَّوْزِيعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَدَبَّرْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهَا وَحْدَهَا، وَلَا تَكُونُ إلَّا تَبَعًا وَتَتَوَلَّدُ مِنْ إشْبَاعِ غَيْرِهَا، وَلَا تَتَمَيَّزُ حَقِيقَتُهَا تَمَيُّزًا ظَاهِرًا عَنْ الْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ وَلَمْ يُوَزَّعْ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ) فِيهِ نَظَرٌ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرْكِيبِهَا إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاضِعَ لَمْ يُرِدْ جَعْلَ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ حَرْفًا لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْحُرُوفِ بَسَائِطُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْأَلِفَ اللَّيِّنَةَ، وَأَمَّا الْهَمْزَةُ فَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالْأَلِفِ أَوَّلُ الْحُرُوفِ وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ فِي لَا الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ جَعْلُهُ لَهَا بَيْنَ أُخْتَيْهَا الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَكِّبْ أُخْتَيْهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ النُّطْقُ بِمُسَمَّاهُمَا مُسْتَقِلًّا لِقَبُولِهِمَا التَّحْرِيكَ دُونَهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهَا لِأَنَّهَا حَرْفٌ مُسْتَقِلٌّ يَتَوَقَّفُ تَمَامُ النُّطْقِ عَلَيْهِ، بَلْ هِيَ أَكْثَرُ دَوَرَانًا فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا لَا يَخْفَى مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْهَا مِنْ حَيْثُ تَرَكُّبُهَا، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ مَا أُرِيدَ مِنْهَا وَهُوَ الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اعْتِبَارَهَا مُتَعَيَّنٌ، وَحِينَئِذٍ فَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ هُوَ عَيْنُ اعْتِبَارِ النُّحَاةِ لَا غَيْرُهُ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْ لَا مِنْ حَيْثُ تَرَكُّبُهَا حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ هَذَا الرَّدُّ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْحُرُوفِ الَّتِي تُقَسَّطُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ إنَّمَا هِيَ الْمُسَمَّيَاتُ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْكَلَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّ نُطْقَ اللِّسَانِ بِالْهَمْزَةِ غَيْرُهُ بِالْأَلِفِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَخْرَجٌ مَخْصُوصٌ يُبَايِنُ الْآخَرَ وَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَى الْأَسْمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>