الْأَلِفِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ وُزِّعَتْ عَلَى حُرُوفِ لُغَتِهِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فِي لُغَةٍ وَأَحَدٍ وَثَلَاثِينَ فِي أُخْرَى، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا، وَإِنْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ وَجَبَ أَرْشُهُمَا مَعَ دِيَتِهِمَا فِي أَوْجِهِ الْوَجْهَيْنِ (وَقِيلَ لَا تُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ) وَهِيَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ (وَالْحَلْقِيَّةِ) وَهِيَ الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ وَالْعَيْنُ وَالْغَيْنُ وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ بَلْ عَلَى اللِّسَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ بِهَا، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ بَلْ كَمَالُ النُّطْقِ مُرَكَّبٌ مِنْ جَمِيعِهَا، فَفِي بَعْضٍ مِنْ تَيْنِكَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَوْ أَذْهَبَ لَهُ حَرْفًا فَعَادَ لَهُ حَرْفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهُ وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) وَلَهُ كَلَامٌ مُفْهِمٌ فَجُنِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ (فَدِيَةٌ) لِوُجُودِ نُطْقِهِ، وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ كَمَالَ الدِّيَةِ فِيهِ كَضَعْفِ الْبَصَرِ وَالْبَطْشِ (وَقِيلَ) فِيهِ (قِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ وَفَارَقَ ضَعْفَ نَحْوِ الْبَطْشِ بِأَنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ غَالِبًا، وَالنُّطْقُ يَتَقَدَّرُ بِالْحُرُوفِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَبْقَى مَقْصُودُ الْكَلَامِ مَا بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مُفْهِمٌ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ (أَوْ) عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا (بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ) فِيهَا (دِيَةٌ) لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَقِيلَ تَكْمُلُ، وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ
(وَلَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ) حُرُوفِ (كَلَامِهِ أَوْ عُكِسَ فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ؛ إذْ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ ذَلِكَ وَاجِبَهُ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَقَلُّ، وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ دُخُولُ الْمُسَاوِي فِيمَا لَوْ قُطِعَ النِّصْفُ فَذَهَبَ النِّصْفُ، وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِذَهَابِهِ بِلَا قَطْعٍ فَمَعَ الْقَطْعِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانٍ وَبَقِيَ نُطْقُهُ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لَا قِسْطٌ؛ إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ خِلَافًا لِجَمْعٍ
(وَفِي) إبْطَالِ (الصَّوْتِ) (دِيَةٌ) إنْ بَقِيَتْ قُوَّةُ اللِّسَانِ بِحَالِهَا لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ عَلَى أَعَمَّ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ لَا الْعَامِّ فَإِنَّ الْعَامَّ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَى مَعْنًى يَشْتَرِكُ فِيهِ كُلُّ الْأَفْرَادِ فَيَتَنَاوَلُهَا جَمِيعًا وَلَيْسَ الْأَلِفُ كَذَلِكَ بَلْ تُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَنَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ، وَالنُّحَاةُ يَعْتَمِدُونَ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَهُوَ مُغَايَرَةُ الْأَلِفِ لِلْهَمْزَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَقَلُّ الْعَرَبِيَّةَ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ: وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا وُزِّعَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا وَقِيلَ عَلَى أَقَلِّهِمَا اهـ.
وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ اللُّغَتَانِ غَيْرَ عَرَبِيَّتَيْنِ
(قَوْلُهُ: وَالْمِيمُ) أَيْ وَالْبَاءُ؛ لِأَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لَهَا فِي الْمَخْرَجِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ كَانَ الْأَوْجَهُ فِيمَنْ قَطَعَ الشَّفَتَيْنِ فَزَالَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُمَا أَرْشٌ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) وَكَالْآفَةِ جِنَايَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ الْآتِي
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ عَلَى هَذَا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ جِنَايَةَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ كَالْحَرْبِيِّ.
وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ لَمْ يُبَيِّنْ عِلَّةَ الْأَوْجَهِ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْغَيْرَ الْمَضْمُونَةِ كَالْآفَةِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَحْسَبُهُ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ) وَجْهُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِسْطِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِذَاتِ اللِّسَانِ بِلَا اعْتِبَارِ الْكَلَامِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقَضِيَّةُ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ لَا دِيَةَ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ رُبْعُ دِيَةٍ لِمَا ذَهَبَ مِنْ الْكَلَامِ وَحُكُومَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى الرُّبْعِ مِنْ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِحُكُومَةٍ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: أَيْ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ لِغَرَضِ الدَّفْعِ وَالْإِعْلَامِ وَغَيْرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الَّتِي هِيَ لَفْظُ أَلِفٍ وَلَفْظُ بَاءٍ إلَخْ. حَتَّى يَتَوَجَّهَ مَا ذُكِرَ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَدَبَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم قَرَّرَ نَحْوَ مَا ذَكَرْته آخِرًا ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْوَجْهَ تَقْسِيطُ الدِّيَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) لَفْظُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَضَتْ السُّنَّةُ