فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ تَبِعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيَّ، وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّ زَيْدًا صَحَابِيٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ تَابِعِيٌّ، وَمَنْ أَوَّلَ الصَّوْتَ بِالْكَلَامِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ ذَلِكَ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا، لِلْإِجْمَاعِ غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ بَطَلَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدِيَةٍ لَوْ انْفَرَدَ (وَقِيلَ دِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْكَلَامِ يَفُوتُ بِانْقِطَاعِ الصَّوْتِ وَعَجْزِ اللِّسَانِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ، وَفَارَقَ إذْهَابَ النُّطْقِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى سَمْعِ صَبِيٍّ فَتَعَطَّلَ بِذَلِكَ نُطْقُهُ؛ لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ سَمَاعِهِ وَتَدَرُّجِهِ فِيهِ بِأَنَّ اللِّسَانَ هُنَا سَلِيمٌ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ جِنَايَاتٌ أَصْلًا، بِخِلَافِ إبْطَالِ حَرَكَتِهِ الْمَذْكُورَةِ
(وَفِي) إبْطَالِ (الذَّوْقِ) (دِيَةٌ) كَالسَّمْعِ بِأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ حُلْوٍ وَحَامِضٍ وَمُرٍّ وَمَالِحٍ وَعَذْبٍ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي ذَهَابِهِ يُمْتَحَنُ بِالْأَشْيَاءِ الْحَادَّةِ كَمُرٍّ وَحَامِضٍ بِأَنْ يُلْقِمَهَا لَهُ غَيْرُهُ مُغَافَصَةً، فَإِنْ لَمْ يَعْبِسْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَبْطَلَ مَعَهُ نُطْقَهُ أَوْ حَرَكَةَ لِسَانِهِ السَّابِقَةَ فَدِيَتَانِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِ الْحَلْقِ لَا فِي اللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْقَى مَعَ قَطْعِهِ حَيْثُ لَمْ يُسْتَأْصَلْ قَطْعُ عَصَبِهِ، أَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ فِي طَرَفِ اللِّسَانِ فَلَا تَجِبُ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِّسَانِ كَمَا لَوْ قُطِعَ فَذَهَبَ نُطْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ فِيمَنْ قَطَعَ الشَّفَتَيْنِ فَزَالَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُمَا أَرْشٌ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْهُمَا كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ أَيْضًا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوَّلَ الصَّوْتَ) أَيْ فِيمَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ
(قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ (قَوْلُهُ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْطِيعِ تَمْيِيزُ بَعْضِ الْحُرُوفِ الْمُخْتَلِفَةِ عَنْ بَعْضٍ، وَالتَّرْدِيدُ الرُّجُوعُ لِلْحَرْفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَنْطِقَ بِهِ ثَانِيًا كَمَا نَطَقَ بِهِ أَوَّلًا
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَتَيْنِ
(قَوْلُهُ: فَتَعَطَّلَ بِذَلِكَ نُطْقُهُ) حَيْثُ قُبِلَ بِوُجُوبِ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي السَّمْعِ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ اللِّسَانَ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ فَدِيَتَانِ لَا بِقَوْلِهِ وَقِيلَ دِيَةٌ
(قَوْلُهُ: مُغَافَصَةً) أَيْ أَخْذًا عَلَى غِرَّةٍ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَغَافَصَهُ أَخَذَهُ عَلَى غِرَّةٍ (قَوْلُهُ: فَدِيَتَانِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ فَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قُطِعَ اللِّسَانُ فَلَا وَجْهَ إلَّا وُجُوبُ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَنَّهُ جُنِيَ عَلَيْهِ بِدُونِ قَطْعِهِ فَوُجُوبُ الدِّيَتَيْنِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِهِ أَمْ فِي الْحَلْقِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لَا فِي اللِّسَانِ) وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ فِي اللِّسَانِ هُوَ الرَّاجِحُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ إذْ هُوَ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ إلَخْ. لِأَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ فِيمَا إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا أَوْ نَحْوَهُ هَلْ هُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَحْتَجُّ بِهِ أَوْ لَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا دَلِيلُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ مَنْ أَثْبَتَ صُحْبَتَهُ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوَّلَ الصَّوْتَ بِالْكَلَامِ إلَخْ.) هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي الْخَبَرِ بَعْدَ نَفْيِهِ الْحُجِّيَّةَ بِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ جَعَلَهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَاحْتَجَّ بِهِ كَابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ إلَخْ.) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ سَمَاعِهِ إلَخْ.) عِلَّةٌ لِتَعْطِيلِ نُطْقِ الصَّبِيِّ بِعَدَمِ سَمَاعِهِ
(قَوْلُهُ: مُغَافَصَةً) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، يُقَالُ غَافَصْت الرَّجُلَ: أَيْ أَخَذْته عَلَى غِرَّةٍ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: فَدِيَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ إلَخْ.) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ وُجُوبَ