للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْغُرَّةِ، وَلَوْ قُذِفَتْ فَأُجْهِضَتْ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْقَاذِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ فَلَا، كَمَا لَوْ أَفْسَدَ ثِيَابَهَا حَدَثٌ خَرَجَ مِنْهَا فَزَعًا، وَلَوْ أَتَاهَا بِرَسُولِ الْحَاكِمِ لِتَدُلَّهُمَا عَلَى أَخِيهَا مَثَلًا فَأَخَذَهَا فَأُجْهِضَتْ اُتُّجِهَ عَدَمُ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَحْوُ إفْزَاعٍ، نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ تَتَأَثَّرْ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الرَّسُولِ.

أَمَّا مَنْ هِيَ كَذَلِكَ لَا سِيَّمَا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَخَذَهَا فَتَضْمَنُ الْغُرَّةَ عَاقِلَتُهُمَا، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ طَلَبَ امْرَأَةٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَمْلِهَا ثُمَّ يَتَلَطَّفَ فِي طَلَبِهَا

(وَلَوْ) (وَضَعَ) جَانٍ (صَبِيًّا) حُرًّا (فِي مَسْبَعَةٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ: أَيْ مَحَلِّ السِّبَاعِ وَلَوْ زُبْيَةَ سَبُعٍ غَابَ عَنْهَا (فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ، إذْ الْوَضْعُ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُلْجِئْ السَّبُعَ إلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَلْقَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ فِي زُبْيَتِهِ مَثَلًا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ يَثِبُ فِي الْمَضِيقِ وَيَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الْمُتَّسَعِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الصَّبِيُّ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ) عَنْ الْمُهْلِكِ فِي مَحَلِّهِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ إهْلَاكٌ لَهُ عُرْفًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتَرَكَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِغَيْرِ مَسْبَعَةٍ فَاتُّفِقَ أَنَّ سَبُعًا أَكَلَهُ أَوْ كَانَ بَالِغًا هُدِرَ قَطْعًا كَمَا لَوْ قَصَدَهُ فَتَرَكَ عَصَبَ جُرْحِهِ حَتَّى مَاتَ.

أَمَّا الْقِنُّ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ مُطْلَقًا.

وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ اسْتَمَرَّتْ إلَى الِافْتِرَاسِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ، نَعَمْ لَوْ كَتَّفَهُ وَقَيَّدَهُ وَوَضَعَهُ فِي الْمَسْبَعَةِ ضَمِنَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ ضَمِنَ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ عَجَزَ لِضَعْفِهِ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ بِلَا رَبْطٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَلَوْ مَكْتُوفًا: أَيْ لِتَمَكُّنِهِ مَعَهُ مِنْ الْهَرَبِ وَكَلَامُنَا فِي مَكْتُوفٍ مُقَيَّدٍ (وَلَوْ) (تَبِعَ بِسَيْفٍ) وَنَحْوِهِ مُمَيِّزًا (هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ) أَوْ عَلَيْهِ فَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ فِيهِ لِمُبَاشَرَتِهِ إهْلَاكَ نَفْسِهِ عَمْدًا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هُنَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكْرَهَ إنْسَانًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فَقَتَلَهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ هُنَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (فَلَوْ) (وَقَعَ) بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (جَاهِلًا) بِهِ (لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ) مَثَلًا أَوْ تَغْطِيَةِ بِئْرٍ أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ بِمَضِيقٍ (ضَمِنَهُ) تَابِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْقَاذِفِ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا أَتَاهَا بِرَسُولِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَيْ بِلَا إرْسَالٍ مِنْ الْحَاكِمِ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَتَضْمَنُ الْغُرَّةَ عَاقِلَتُهُمَا.

أَمَّا إذَا كَانَ بِإِرْسَالِهِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ لَمْ تَتَأَثَّرْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ شَخْصٌ تَصَوَّرَ بِصُورَةِ سَبُعٍ وَدَخَلَ فِي غَفْلَةٍ عَلَى نِسْوَةٍ بِهَيْئَةٍ مُفْزِعَةٍ عَادَةً فَأَجْهَضَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ، وَهُوَ أَنَّ عَاقِلَتَهُ تَضْمَنُ الْغُرَّةَ بَلْ وَتَضْمَنُ دِيَةَ الْمَرْأَةِ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ بِدُونِهِ

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ) أَيْ يَجِبُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَضَعَ جَانٍ صَبِيًّا) هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرَاهِقِ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ مُرَاهِقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِالْقَوَدِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ حُرًّا

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَتَّفَهُ) أَيْ الْحُرُّ.

قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَابُهُ ضَرَبَ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ عَمْدٍ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزًا) التَّقْيِيدُ بِهِ وَاضِحٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَلَا ضَمَانَ أَوْ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الرَّامِي نَفْسَهُ صَبِيًّا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ مُمَيِّزًا وَلَعَلَّهُ ضَمَانُ التَّابِعِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَلَا فِعْلٍ فَيُنْسَبُ وُقُوعُهُ لِلتَّابِعِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ عَنْ الْمُهْلِكِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ:)

(وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ.) صَوَابُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ، فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ، وَقَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ إلَخْ. يَعْنِي: إذْ بَعْضُ مَا صَدَقَاتِهِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَهُ لَفْظُ حَيْثُ أَوْ نَحْوِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ) أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الصَّنِيعُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>