للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إهْلَاكَ نَفْسِهِ وَقَدْ أَلْجَأَهُ التَّابِعُ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ فَتَلْزَمُ عَاقِلَتَهُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ

(وَكَذَا لَوْ) (انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) لَمْ يَرْمِ نَفْسَهُ عَلَيْهِ (فِي هَرَبِهِ) لِضَعْفِ السَّقْفِ وَقَدْ جَهِلَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَهُ تَابِعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالْمَهْلَكِ

(وَلَوْ) (سُلِّمَ صَبِيٌّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِهِ مُشَارِكًا لِلسَّبَّاحِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ هُوَ مُبَاشِرٌ وَمُسَلِّمُهُ مُتَسَبِّبٌ (إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ) السِّبَاحَةَ أَيْ الْعَوْمَ فَتَسَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ لَا بِنَائِبِهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ أَحَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَعَلَّمَهُ أَوْ عَلَّمَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ (فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ) دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِهِ حَتَّى غَرِقَ مَعَ كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ شَأْنِهِ الْإِهْلَاكُ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَضْعَ فِي مَسْبَعَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا الْإِهْلَاكُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا سَلَّمَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ لَا تَكُونُ عَاقِلَتُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَمَرَهُ السَّبَّاحُ بِدُخُولِ الْمَاءِ فَدَخَلَ مُخْتَارًا فَغَرِقَ ضَمِنَهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، فَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ مُخْتَارًا مِنْ تَحْتِهِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَغَرِقَ ضَمِنَهُ بِالْقَوَدِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَغْرَقَهُ، وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ فَلَا يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي رَفْعِ يَدِهِ مِنْ تَحْتِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ

(وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرِ عُدْوَانٍ) كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ وَإِنْ أَذِنَهُ الْإِمَامُ وَكَانَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ فِيمَا يَضُرُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، أَوْ وَاسِعٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْهُ الْإِمَامُ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ مَالٍ عَلَيْهِ وَحُرٌّ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِتَعَدِّيهِ وَرِضَاهُ بِاسْتِبْقَائِهَا وَمَنْعِهِ مِنْ طَمِّهَا أَوْ مِلْكِهِ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ الْمَحْفُورِ فِيهَا كَالْإِذْنِ فِيهِ فَيُمْنَعُ الضَّمَانُ وَلَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، فَلَوْ تَعَدَّى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْمُكْرِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ وَقَدْ جَهِلَهُ) أَيْ ضَعْفَ السَّقْفِ

(قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ

(قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ السَّبَّاحِ أَوْ الْوَلِيِّ فِيمَا لَوْ عَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: إذْ هُوَ مُبَاشِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ

(قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ) أَيْ بِتَسَلُّمِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مُخْتَارًا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَّاحُ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ السَّبَّاحُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَالِغِ

(قَوْلُهُ: أَوْ بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الشَّارِعِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ إلَخْ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْعُدْوَانِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ اُتُّفِقَ أَنَّ غَيْرَهُ انْتَفَعَ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَمَا تَلِفَ بِهِ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ) أَيْ الْمَالِكِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُهُ) أَيْ الْحَافِرَ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّرَدِّي) أَيْ أَمَّا قَبْلَ التَّرَدِّي فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ قَبْلُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ عُدَّ هَذَا إذْنًا، فَإِذَا وَقَعَ التَّرَدِّي بَعْدَهُ كَانَ بَعْدَ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْحَافِرِ لِتَقْدِيرِ أَنَّهُ حَفَرَ بِلَا إذْنٍ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَفْرَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ الْأَصْلُ فِيهِ التَّعَدِّي، وَهُوَ يَقْتَضِي ضَمَانَ الْحَافِرِ، فَقَوْلُ الْمَالِكِ: كُنْت أَذِنْت يُسْقِطُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ بِإِخْبَارٍ وَاحِدٍ غَيْرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَبَيْنَ مَا مَرَّ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: لَا بِنَائِبِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَلَّمَهُ بِنَائِبِهِ: أَيْ وَعَلَّمَهُ النَّائِبُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ الْمُعَلِّمِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ أَحَدٍ. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِتَسَلُّمِهِ لَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِنَفْسِهِ مُلْتَزِمٌ لِلْحِفْظِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ مُعْتَبَرٌ

(قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ) يَعْنِي: الْمَالِكَ، وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَنَعَهُ، وَأَمَّا ضَمِيرُ قَوْلِهِ وَمَلَكَهُ فَهُوَ لِلْحَافِرِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهُ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّرِيقِ بِالْمَالِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>