للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مَرْدُودٌ كَحَفْرِهِ لِاسْتِقَاءٍ أَوْ جَمْعِ مَاءِ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ (فَلَا) ضَمَانَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِهِ.

وَالثَّانِي قَالَ الْجَوَازُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَحْكَمَ رَأْسَهَا مُحْتَسِبٌ ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ وَفَتَحَهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ كَمَا لَوْ طَمَّهَا فَجَاءَ آخَرُ وَحَفَرَهَا، وَتَقْرِيرُ الْإِمَامِ بَعْدَ الْحَفْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَرْفَعُ الضَّمَانَ كَتَقْرِيرِ الْمَالِكِ السَّابِقِ، وَأَلْحَقَ الْعَبَّادِيُّ وَالْهَرَوِيُّ الْقَاضِيَ بِالْإِمَامِ حَيْثُ قَالَا لَهُ الْإِذْنُ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ وَاِتِّخَاذِ سِقَايَةٍ بِالطَّرِيقِ حَيْثُ لَا تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا لَمْ يَخُصَّ الْإِمَامُ بِالنَّظَرِ بِالطَّرِيقِ غَيْرَهُ (وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ) فَلَوْ حَفَرَ بِهِ بِئْرًا أَوْ بَنَاهُ فِي شَارِعٍ أَوْ وَضَعَ سِقَايَةً عَلَى بَابِ دَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْهَالِكُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَوْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُصَلِّينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَعُدْوَانٌ إنْ أَضَرَّ بِالنَّاسِ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ بَلْ الْحَفْرُ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا فَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، نَعَمْ لَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَوَاتٍ فَهَلَكَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ وَفَرْشِ حَصِيرٍ أَوْ حَشِيشٍ وَنَصْبِ عُمُدٍ وَبِنَاءِ سَقْفٍ وَتَطْيِينِ جِدَارٍ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ

وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَحْوِ جِذَاذٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَسَقَطَ أَوْ انْهَارَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا تَنْهَارُ أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ، إذْ لَا تَقْصِيرَ بَلْ الْمُقَصِّرُ الْأَجِيرُ لِعَدَمِ احْتِيَاطِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ جَهِلَ الِانْهِيَارَ (وَمَا تَوَلَّدَ) مِنْ فِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ لَا يَضْمَنُهُ كَجَرَّةٍ سَقَطَتْ وَقَدْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ، وَحَطَبٍ كَسَرَهُ فَطَارَ بَعْضُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا وَدَابَّةٍ رَبَطَهَا فِيهِ فَرَفَسَتْ إنْسَانًا خَارِجَهُ، فَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ نَارٍ أَوْقَدَهَا بِمِلْكِهِ وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا إنْ هَبَّتْ بَعْدَ الْإِيقَادِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ فَلَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ الْإِمَامُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَضَمِنَ وَقَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ: أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَالْحَالُ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا لَوْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَوْ حَفَرَ إلَخْ) أَيْ الْحَافِرُ فِيمَا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَحَلِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ جَمَعَ مَاءَ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلِّينَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَوْ دَعَاهُ لِيُنَجِّدَ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ تَبَرُّعًا، بَلْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا (قَوْلُهُ: وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ) أَوْ خَارِجِهِ

(قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ) وَيُقَالُ بِمِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لَكِنْ بِمَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِيقَادِ فِيهِ كَمَا يَقَعُ لِأَرْبَابِ الزِّرَاعَاتِ مِنْ أَنَّهُمْ يُوقِدُونَ نَارًا فِي غِيطَانِهِمْ لِمَصَالِحَ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَفْهُومُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ كَسَرَ حَطَبًا بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ) أَيْ أَوْ نَهَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ حَفَرَ بِهِ بِئْرًا أَوْ بَنَاهُ فِي شَارِعٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا حَلَّ الْمَتْنَ حَمَلَهُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْهُ حَيْثُ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: أَيْ الْحَفْرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَصِحُّ حَمْلُ الْمَتْنِ بِتَكَلُّفٍ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ السِّقَايَةُ بِطَرِيقٍ كَالْحَفْرِ فِيهَا، فَيَأْتِي هُنَا تَفْصِيلُهُ اهـ.

وَالشَّارِحُ أَشَارَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اتَّخَذَا سِقَايَةً فِي بَابِ دَارِهِ لَيْسَ حَقَّ التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ مَفْهُومِهِ مَعَ أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَعَلَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَتْ تَضُرُّ الْمَارَّةُ (قَوْلُهُ: وَحَطَبٌ كَسَرَهُ) أَيْ فِي مِلْكِهِ كَمَا هُوَ الصُّورَةُ.

أَمَّا تَكْسِيرُهُ فِي الشَّوَارِعِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>