للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّصْوِيرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ.

أَمَّا الْمَمْلُوكُ لِغَيْرِهِمَا كَالْمُعَارَيْنِ وَالْمُسْتَأْجِرَيْنِ فَلَا يُهْدَرُ مِنْهُمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَ وَنَحْوَهُ مَضْمُونٌ، وَكَذَا الْمُسْتَأْجَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ أَوْ فَرَّطَ فِيهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ

وَلَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَانْقَطَعَ وَسَقَطَ وَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ وَهُدِرَ الْبَاقِي، فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِإِرْخَاءِ الْآخَرِ الْحَبْلَ فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ ظَالِمٌ هُدِرَ الظَّالِمُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَالِكِ، وَلَوْ ذَهَبَ لِيَقُومَ فَأَخَذَ غَيْرُهُ بِثَوْبِهِ لِيَقْعُدَ فَتَمَزَّقَ بِفِعْلِهِمَا لَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَكَذَا لَوْ مَشَى عَلَى نَعْلٍ مَاشٍ فَانْقَطَعَ بِفِعْلِهِمَا كَمَا يَأْتِي (وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ كَكَامِلَيْنِ) فِي تَفْصِيلِهِمَا الْمَذْكُورِ وَمِنْهُ وُجُوبُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً إنْ كَانَ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ عَمْدَهُمَا حِينَئِذٍ عَمْدٌ (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (تَعَلَّقَ بِهِ) أَوْ بِعَاقِلَتِهِ (الضَّمَانُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَجَوَازُهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ إنْ أَرْكَبَهُمَا لِمَصْلَحَتِهِمَا وَإِلَّا لَامْتَنَعَ الْأَوْلِيَاءُ مِنْ تَعَاطِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ، نَعَمْ إنْ أَرْكَبَهُ مَا يُعْجَزُ عَنْ ضَبْطِهَا عَادَةً لِكَوْنِهَا جَمُوحًا أَوْ شَرِسَةً أَوْ لِكَوْنِهِ ابْنَ سَنَةٍ مَثَلًا ضَمِنَهُ، وَهُوَ هُنَا وَلِيُّ الْحَضَانَةِ الذَّكَرُ لَا وَلِيُّ الْمَالِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: يُشْبِهُ أَنَّهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَأْدِيبِهِ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ حَاضِنٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْخَادِمِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَالثَّانِي أَوْجَهُ (وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى نَحْوِ فِيلٍ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ نَعَمْ لَوْ ضَعُفَ أَحَدُ الْمَاشِيَيْنِ إلَخْ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضٌ فِي الدَّابَّتَيْنِ فَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ هُنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ عَلَى بَيَانِ مَأْخَذِ حُكْمِ الْمَاشِيَيْنِ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهَذَا قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَمْلُوكُ) أَيْ الْمَرْكُوبُ الْمَمْلُوكُ إلَخْ، وَفِي نُسَخٍ الْمَمْلُوكَةُ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمُعَارِينَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ أَيْضًا كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا عَلَى الدَّابَّةِ إلَخْ) أَيْ يَسْتَقِرُّ ضَمَانُ النِّصْفِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِ الْآخَرِ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِيمَا لَوْ كَانَتَا مُسْتَأْجَرَتَيْنِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي الْمَلَّاحَيْنِ حَيْثُ كَانَ فِي السَّفِينَةِ مَالٌ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ تَخْيِيرِ الْمَالِكِ بَيْنَ مُطَالَبَةِ كُلٍّ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ بِنِصْفِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَلَّاحَيْنِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ اسْتِقْرَابِهِ مَا مَرَّ: إنَّ احْتِمَالَ كَوْنِ كُلٍّ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فِي السَّفِينَتَيْنِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ شِبْهِ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَتِهِ) شِبْهُ عَمْدِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الظَّالِمِ، وَقَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَشَى عَلَى نَعْلٍ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِفِعْلِ الْمَاشِي وَحْدَهُ لِيَكُونَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْجَمِيعِ فَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْمَاشِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ عَلَى النِّصْفِ

(قَوْلُهُ: كَكَامِلَيْنِ) أَيْ، وَإِنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا جَمُوحًا) أَيْ تَغْلِبُ رَاكِبَهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ: رَجُلٌ شَرِسٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ، وَعَلَيْهِ فَالْجَمُوحُ وَالشَّرِسَةُ مُتَسَاوِيَانِ أَوْ مُتَقَارِبَانِ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ م ر

(قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ) وَمِنْهُ الْأُمُّ حَيْثُ فَعَلَتْ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ وَالْفَقِيهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَوْجَهُ) أَيْ قَوْلُهُ: إنَّهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَأْدِيبِهِ إلَخْ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ إلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ لِأَحَدِهِمَا حَرَكَةٌ وَلَوْ ضَعِيفَةً جِدًّا وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ، نَعَمْ لَوْ ضَعُفَ أَحَدُ الْمَاشِيَيْنِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَوْجَهُ) يَحْتَمِلُ الثَّانِي مِنْ كَلَامَيْ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، وَيَحْتَمِلُ الثَّانِيَ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) وَمِنْهُ الْوَلِيُّ إذَا أَرْكَبَهُمَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ كَمَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>