مَاتَ) (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْجَانِي سَوَاءٌ أَزَالَ أَلَمَ الْجِنَايَةِ عَنْ أُمِّهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ) أَيْ تَمَّ خُرُوجُهُ (أَوْ دَامَ أَلَمُهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَرَمٌ (وَمَاتَ فَدِيَةُ نَفْسٍ) لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَتَنَفُّسٍ وَامْتِصَاصِ ثَدْيٍ وَقَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ كَانَ الظَّاهِرُ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ انْفِصَالُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَمَنْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْفَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ قُتِلَ بِهِ كَقَتْلِ مَرِيضٍ مُشْرِفٍ عَلَى الْمَوْتِ، فَإِنْ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ وَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا عُزِّرَ الثَّانِي فَقَطْ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ اخْتِلَاجٍ، وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْبَيِّنَةُ
(وَلَوْ) (أَلْقَتْ) الْمَرْأَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا (جَنِينَيْنِ) مَيِّتَيْنِ (فَغُرَّتَانِ) أَوْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَهَكَذَا لِتَعَلُّقِ الْغُرَّةِ بِاسْمِ الْجَنِينِ، أَوْ مَيِّتًا وَحَيًّا فَمَاتَ فَغُرَّةٌ فِي الْمَيِّتِ وَدِيَةٌ فِي الْحَيِّ (أَوْ) أَلْقَتْ (يَدًا) أَوْ رِجْلًا أَوْ رَأْسًا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْجَنِينُ وَمَاتَتْ الْأُمُّ (فَغُرَّةٌ) وَاحِدَةٌ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِ الْجَنِينِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَحْوَ الْيَدِ بَانَ بِالْجِنَايَةِ، وَتَعَدُّدُ مَا ذُكِرَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدَهُ فَقَدْ وُجِدَ رَأْسَانِ لِبَدَنٍ وَاحِدٍ.
نَعَمْ لَوْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ بَدَنٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّحَادُ الرَّأْسِ تَعَدَّدَتْ بِعَدَدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ بِحَالٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ يَدَيْنِ لَمْ يَجِبْ لِمَا زَادَ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ كَالدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ.
أَمَّا إذَا عَاشَتْ وَلَمْ تُلْقِ جَنِينًا فَلَا يَجِبُ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ سِوَى نِصْفِ غُرَّةٍ، كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ لَا يَجِبُ فِيهَا إلَّا نِصْفُ دِيَتِهِ، وَلَا يَضْمَنُ بَاقِيَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَلَفِهِ بِالْجِنَايَةِ (وَكَذَا لَحْمٌ قَالَ الْقَوَابِلُ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ (فِيهِ صُورَةٌ) وَلَوْ لِنَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (خَفِيَّةٌ) لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُنَّ فَتَجِبُ الْغُرَّةُ لِوُجُودِهِ (قِيلَ أَوْ قُلْنَ) لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا خَفِيَّةٌ وَلَكِنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ وَ (لَوْ بَقِيَ لَتُصُوِّرَ) وَالْأَصَحُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِأَنَّ مَوْتَهُ بَعْدَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَمَّ خُرُوجُهُ) أَخْرَجَ مَا لَوْ مَاتَ مَنْ خَرَجَ رَأْسُهُ فَقَطْ مَثَلًا أَوْ دَامَ أَلَمُهُ فَمَاتَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَفِيهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَفِي الْعُبَابِ وَلَوْ ضَرَبَهَا فَخَرَجَ رَأْسُهُ وَصَاحَ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فَعَلَى الضَّارِبِ الْغُرَّةُ أَوْ بَعْدَهُ فَالدِّيَةُ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ حَيْثُ تَحَقَّقْنَا حَيَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ خُصُوصًا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا اسْتِقْرَارَ حَيَاتِهِ إذَا انْفَصَلَ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ: إنْ انْفَصَلَ وَظَهَرَتْ حَيَاتُهُ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ انْفِصَالُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقُطِعَ بِعَدَمِ حَيَاتِهِ، هَذَا وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ ثُمَّ صَاحَ فَحَزَّ آخِرَ رَقَبَتِهِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَعَ كَوْنِ جِنَايَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَمَّا وَقَعَتْ عَلَى مَا تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ بِالصِّيَاحِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُنْفَصِلِ تَغْلِيظًا عَلَى الْجَانِي بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى أُمِّهِ فَالْجَنِينُ لَيْسَ مَقْصُودًا بِهَا فَخُفِّفَ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ لِلنَّفْسِ، وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ: أَيْ يُقْتَلُ بِهِ
(قَوْلُهُ: بَانَ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ انْقَطَعَ
(قَوْلُهُ: تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْغُرَّةُ
(قَوْلُهُ: بِعَدَدِهِ) أَيْ الْبَدَنِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عَاشَتْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَاتَتْ
(قَوْلُهُ: أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ) وَحُضُورُهُنَّ مَنُوطٌ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْضَرَهُنَّ وَلَوْ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَشَهِدْنَ قُضِيَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَكُنْ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ جَانِبِ الْأُمِّ فِي الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ انْفِصَالُهُ إلَخْ.) أَيْ فِي الْوُجُوبِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّحَادُ الرَّأْسِ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ بِحَالٍ، إذْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ إمْكَانُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَوْنَهُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ هُوَ بِحَسَبِ الِاسْتِقْرَاءِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ خِلَافُهُ، فَإِذَا تَحَقَّقْنَا خِلَافَهُ بِأَنْ وُجِدَ رَأْسٌ لَهُ بَدَنَانِ بِالْفِعْلِ انْخَرَمَ ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ إذْ هُوَ