كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ تَبَرُّعًا وَالْجَوَازُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّفِيهَ يُعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، فَإِنْ فُقِدَ وَصَامَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَجْزَأَهُ وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا لَا نَحْوُ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ، بَلْ يَتَمَلَّكُ الْحَاكِمُ لَهُمَا ثُمَّ يُعْتِقُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ عَنْهُمَا (وَعَبْدًا) وَأَمَةً فَيُكَفِّرَانِ بِالصَّوْمِ (وَذِمِّيًّا) قَتَلَ مَعْصُومًا مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَهُ نُقِضَ الْعَهْدُ أَوَّلًا وَمُعَاهَدًا وَمُؤَمَّنًا، وَيُتَصَوَّرُ إعْتَاقُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ بِأَنْ يَرِثَهُ أَوْ يَسْتَدْعِيَ عِتْقَهُ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ (وَعَامِدًا) كَالْمُخْطِئِ بَلْ أَوْلَى.
لِأَنَّ حَاجَتَهُ إلَى الْجَبْرِ أَعْظَمُ (وَمُخْطِئًا) إجْمَاعًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشِبْهِ الْعَمْدِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْهُمَا وَمَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَتْلِ مِنْ الْمَقْتُولِ (وَمُتَسَبِّبًا) كَمُكْرِهٍ وَآمِرٍ لِغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَشَاهِدِ زُورٍ وَحَافِرٍ عُدْوَانًا، وَإِنْ حَصَلَ التَّرَدِّي بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ فَالْمُرَادُ بِالْمُتَسَبِّبِ مَا يَشْمَلُ صَاحِبَ الشَّرْطِ، أَمَّا الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ، وَالْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا، وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ الثَّانِي سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ (بِقَتْلِ) مَعْصُومٍ عَلَيْهِ نَحْوِ (مُسْلِمٍ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ فِي صُوَرِهِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النساء: ٩٢] الْآيَةَ: أَيْ فِيهِمْ (وَذِمِّيٌّ) كَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ كَمَا فِي آخِرِ الْآيَةِ وَكَمُرْتَدٍّ بِأَنْ قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ مِثْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ، وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُ زَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مِثْلِهِمْ لِإِهْدَارِهِمْ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْتَاجَ لِلْجَوَابِ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ) يُتَأَمَّلُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ بِكَوْنِ الْعِتْقِ عَلَى الصَّبِيِّ عَلَى الْفَوْرِ مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْفَوْرِ إذَا عَصَى بِالسَّبَبِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مُخَاطَبًا حَتَّى يَعْصِيَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْبَالِغِ كَمَا عُومِلَ مُعَامَلَتَهُ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ مُغَلَّظَةً
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ) أَيْ مَا يُعْتِقُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ
(قَوْلُهُ: وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ يُتَأَمَّلُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ لَا إطْعَامَ فِيهَا.
وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِمَا: أَيْ الْأَبِ وَالْجَدِّ
(قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ وَصِيٍّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ ثُمَّ يُعْتِقُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ قَوْلُهُ: بَلْ يَتَمَلَّكُ الْحَاكِمُ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِمَا مَا يُعْتِقُهُ الْوَصِيُّ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنًى لِكَوْنِ الْحَاكِمِ يَتَمَلَّكُ ثُمَّ يُعْتِقُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْوَصِيُّ يُعْتِقُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَنْهُمَا فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَوَلِّيَ الطَّرَفَيْنِ خَاصٌّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا أَرَادَ الْإِعْتَاقَ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ أَنْ يَقْبَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ فَيَصِيرَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ فَيُعْتِقَ الْوَصِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُعْتِقُهُ صَارَ مِلْكًا لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ فَيُعْتِقُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَاجَتَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَآلَةُ السِّيَاسَةِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ
(قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ طَرِيقٍ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ) أَيْ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَتِهِ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ إذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ. فَإِنَّمَا غَرَضُهُ مِنْهُ حِكَايَةُ حَمْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ تَبَرُّعًا) هَذَا لَا يُلَاقِي كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا هُنَاكَ فِي خُصُوصِ الْعِتْقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَقَدْ نَقَلَهُ هُنَا عَنْهُمَا وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَعِبَارَتُهُ: ذَكَرَا فِي بَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَ الصَّبِيَّ كَفَّارَةُ قَتْلٍ، فَأَعْتَقَ الْوَلِيُّ عَنْهُ عَبْدًا لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ، وَإِعْتَاقَهُ عَنْهُ، وَإِعْتَاقُ عَبْدِ الطِّفْلِ لَا يَجُوزُ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْتَمَدُ الْمَذْكُورُ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ) يَعْنِي: الْمَالَ (قَوْلُهُ: الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا) أَيْ فِي نَحْوِ كَفَّارَاتِ الْحَجِّ، وَإِلَّا فَالْقَتْلُ لَا إطْعَامَ فِيهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا ظِهَارٌ وَلَا كَفَّارَةٌ فِي جِمَاعِهِمَا فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ مَالِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، أَمَّا مَالُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَيَتَعَاطَى الْعِتْقَ وَالْإِطْعَامَ عَنْهُمَا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ