نَعَمْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ (وَجَنِينٍ) مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ (وَعَبْدِ نَفْسِهِ) لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (وَنَفْسِهِ) فَتُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هُدِرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَإِنْ أَثِمَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ (وَفِي) قَتْلِ (نَفْسِهِ) (وَجْهٌ) أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا كَمَا لَا ضَمَانَ، وَيَرِدُ بِوُضُوحٍ الْفَرْقُ وَهُوَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى، فَلَمْ يَسْقُطْ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ (لَا) فِي قَتْلِ (امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيَّيْنِ) وَإِنْ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِعِصْمَتِهِمَا بَلْ لِتَفْوِيتِ إرْقَاقِهِمَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَالصَّبِيِّ الْحَرْبِيِّ الْمَجْنُونُ الْحَرْبِيُّ (وَبَاغٍ) قَتَلَهُ عَادِلٌ حَالَ الْقِتَالِ وَعَكْسِهِ (وَصَائِلٍ) قَتَلَهُ مَنْ صَالَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِقَاتِلِهِمَا حِينَئِذٍ (وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ) قَتَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ لِبَعْضِ الْقَوَدِ.
لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى عَائِنٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُهْلِكًا عَادَةً، عَلَى أَنَّ التَّأْثِيرَ يَقَعُ عِنْدَهَا لَا بِهَا حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ، وَقِيلَ يَنْبَعِثُ مِنْهَا جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ فَتَتَخَلَّلُ الْمَسَامَّ فَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا. وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَوَضَّأَ الْعَائِنُ: أَيْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَ إزَارِهِ: أَيْ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنْ الْإِزَارِ وَيَصُبَّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعْيُونِ (وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفَّارَةٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ فَلَا يَتَبَعَّضُ كَالْقِصَاصِ، وَبِهِ فَارَقَتْ الدِّيَةَ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ لَا بَدَلًا، وَبِهِ فَارَقَتْ جَزَاءَ الصَّيْدِ. وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ (وَهِيَ كَ) كَفَّارَةِ (ظِهَارٍ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا فَيُعْتِقُ مَنْ يُجْزِئُ ثَمَّ، ثُمَّ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ أَيْضًا لِلْآيَةِ (لَكِنْ لَا إطْعَامَ فِيهَا) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ إذْ لَا نَصَّ فِيهِ، وَالْمُتَّبَعُ فِي الْكَفَّارَاتِ النَّصُّ لَا الْقِيَاسُ، وَالْمُطْلَقُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأَوْصَافِ كَالْإِيمَانِ فِي الرَّقَبَةِ لَا الْأَشْخَاصِ كَالْإِطْعَامِ هُنَا.
وَالثَّانِي نَعَمْ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَهَا أُطْعِمَ عَنْهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَتَلَهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ أَوْ عَكْسُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ) أَيْ قَبْلَ الْقَتْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِهِ بِلَا إذْنٍ مَعْنَى الْقِصَاصِ فَلَا إشْكَالَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هُدِرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ) هَذَا يَقْتَضِي تَنْزِيلَ قَتْلِهِ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ قَتْلِ غَيْرِ مِثْلِهِ لَهُ لَا مَنْزِلَةَ قَتْلِ مِثْلِهِ لَهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ التَّنْزِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَعَدَمُهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ فَيَشْرَبُ الْمَاءَ لِعَطَشِهِ وَيَتَيَمَّمُ
(قَوْلُهُ: افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْقَاتِلِ
(قَوْلُهُ: لِإِهْدَارِهِمَا) أَيْ الْبَاغِي وَالصَّائِلِ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ عَلَى عَائِنٍ) أَيْ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَا يَجِبُ قَتْلُ قَوَدٍ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْعَائِنِ الْوَلِيُّ إذَا قَتَلَ بِحَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْعَائِنِ فِعْلُ ذَلِكَ إذَا وَجَدَ التَّأْثِيرَ فِي الْمَعْيُونِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَفْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَخْ) لَمْ يَنْقُلْ مُسْتَنَدَهُ لَمَّا فَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثَ مَعَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْوَارِدَةَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تُحْمَلُ عَلَى مَدْلُولَاتِهَا الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ فَقَطْ دُونَ السَّاعِدِ
(قَوْلُهُ: وَدَاخِلَ إزَارِهِ) أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ
(قَوْلُهُ: أَطْعَمَ عَنْهُ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ كَفَّارَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَنْ صَالَ عَلَيْهِ) كَانَ يَنْبَغِي إبْرَازُ الضَّمِيرِ.