للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ يُحَرِّكُ يَدَهُ عِنْدَهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ مِنْ سِلَاحِهِ أَوْ نَحْوِ ثَوْبِهِ مُلَطَّخٍ بِدَمٍ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَحْوُ سُبُعٍ أَوْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ تَرْشِيشُ دَمٍ أَوْ أَثَرُ قَدَمٍ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ ذِي السِّلَاحِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ آخَرُ يَنْتَفِي كَوْنُهُ لَوْثًا فِي حَقِّهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُلَطَّخُ بِالدَّمِ عَدُوَّهُ خَاصَّةً فَفِي حَقِّهِ فَقَطْ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِوِجْدَانِ رَجُلٍ عِنْدَهُ بِلَا سِلَاحٍ وَلَا تَلْطِيخٍ وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرُ قَتْلٍ وَذَاكَ عَدُوُّهُ، وَلَا يُنَافِيهِ تَفَرُّقُ الْجَمْعِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ عَنْهُ يَقْتَضِي وُجُودَ تَأْثِيرِ مُبْهَمٍ مِنْهُمْ فِيهِ غَالِبًا فَكَانَ قَرِينَةً وَلِهَذَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ أَصْدِقَائِهِ وَأَعْدَائِهِ، وَمُجَرَّدُ وُجُودِ هَذَا عِنْدَهُ لَا قَرِينَةَ فِيهِ، وَوُجُودُ الْعَدَاوَةِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ قَرِينَةٍ إلَيْهَا لَا نَظَرَ إلَيْهِ

(وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) الْوَاحِدِ: أَيْ إخْبَارُهُ وَلَوْ قَبْلَ الدَّعْوَى بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ (لَوْثٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الظَّنَّ وَشَهَادَتُهُ بِأَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ قَتَلَهُ لَوْثٌ فِي حَقِّهِمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَيُعَيِّنُ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا وَيُقْسِمُ (وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ) يَعْنِي إخْبَارَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَفِي الْوَجِيزِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْثٌ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَ: وَقَوْلُ رَاوٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ) لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ، وَرُدَّ بِأَنَّ احْتِمَالَهُ كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إخْبَارِ الْعَدْلِ (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يُؤَكِّدُ ظَنَّهُ. وَالثَّانِي قَالَ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ فِي الشَّرْعِ

(وَلَوْ) (ظَهَرَ لَوْثٌ) فِي قَتِيلٍ (فَقَالَ أَحَدُ ابْنَيْهِ) مَثَلًا (قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ) الِابْنُ (الْآخَرُ) صَرِيحًا (بَطَلَ اللَّوْثُ) فَلَا يُخَالَفُ الْمُسْتَحِقُّ لِانْخِرَامِ ظَنِّ الصِّدْقِ بِالتَّكْذِيبِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ قَتْلِهِ؛ إذْ جِبِلَّةُ الْوَارِثِ عَلَى التَّشَفِّي فَنَفْيُهُ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ كَذَلِكَ بِأَنْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ، أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ قَالَ: إنَّهُ قَتَلَهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرٌ) غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) ع: وَأَمَّا قَوْلُهُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَا عِبْرَةَ بِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ. قَالَ: لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكْذِبُ فِيهَا. وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ بِالْعَدَاوَةِ وَنَحْوِهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مِثْلُ هَذَا فِي قَبُولِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بِخَطَرِ الدِّمَاءِ فَضَيَّقَ فِيهَا، وَأَيْضًا فَهُوَ هُنَا مُدَّعٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُهُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ رَأَى الْوَارِثُ فِي مَنَامِهِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ مُوَرِّثَهُ، وَلَا بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْحَلِفِ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ، وَمَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِهِ لَهُ قِصَاصًا لَوْ ظَفِرَ بِهِ خِفْيَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَتْلُهُ لَهُ بَلْ وَلَا ظَنُّهُ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ رُؤْيَةِ الْمَعْصُومِ فِي الْمَنَامِ فَالرَّائِي لَا يَضْبِطُ مَا رَآهُ فِي مَنَامِهِ

(قَوْلُهُ: لَوْثٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ كَأَنْ ادَّعَى بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَوْثٍ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ إخْبَارَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ وَكَانَ ثُمَّ لَوْثٌ حَلَّفَهُمْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ حَيْثُ وُجِدَ اللَّوْثُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الدَّعْوَى بِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ وَبَيْنَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَوْ كِلَيْهِمَا) بِأَنْ يَقُولَ قَتَلَهُ هَذَانِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِ الشَّاهِدِ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ) أَيْ لَوْثٌ قَوْلُهُ (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ) هَلْ التَّعْبِيرُ بِالْجَمْعِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِإِخْبَارِهِمَا، وَفِي الْعُبَابِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ، وَفِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سَبُعٌ إلَخْ.) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَرُؤْيَةٌ إلَخْ. كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ جِهَةِ ذِي السِّلَاحِ رَاجِعٌ لِلتَّرْشِيشِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وُجُودَ تَأْثِيرٍ مُبْهَمٍ مِنْهُمْ فِيهِمْ) لَعَلَّ قَوْلَهُ مِنْهُمْ الثَّانِي بِالنُّونِ مُتَعَلِّقٌ بِتَأْثِيرٍ وَقَوْلُهُ: فِيهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِمُبْهَمٍ الْأَوَّلِ بِالْبَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَا دَخْلَ لِلْإِبْهَامِ وَضِدِّهِ هُنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وُجُودُ تَأْثِيرٍ مِنْهُمْ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>