للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بَعْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَمْ يَبْطُلْ اللَّوْثُ بِتَكْذِيبِ الْآخَرِ قَطْعًا، فَلِمَنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ خَمْسِينَ وَيَسْتَحِقَّ (وَفِي قَوْلٍ لَا) يَبْطُلُ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ الْجِبِلَّةِ هُنَا (وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ بِتَكْذِيبِ فَاسِقٍ) وَيُرَدُّ بِمَا مَرَّ أَيْضًا إذْ الْجِبِلَّةُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِقِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ كُلٌّ غَيْرَ مُعَيَّنِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَكْذِيبِ صَاحِبِهِ أَقْسَمَ كُلٌّ الْخَمْسِينَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَلَوْ) (قَالَ أَحَدُهُمَا) وَقَدْ ظَهَرَ اللَّوْثُ (قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ) عِنْدِي (وَقَالَ الْآخَرُ) قَتَلَهُ (عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ) عِنْدِي لَمْ يَبْطُلْ اللَّوْثُ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ (حَلَفَ كُلٌّ) خَمْسِينَ (عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ) إذْ لَا تَكَاذُبَ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي أَبْهَمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ عَيَّنَهُ الْآخَرُ (وَلَهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا (رُبْعُ الدِّيَةِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُهَا وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ

(وَلَوْ) (أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ مَعَ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنْهُ) أَيْ الْقَتِيلِ أَوْ كُنْت غَائِبًا عِنْدَ الْقَتْلِ أَوْ لَسْت الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُضُورِهِ، وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي عَدْلَانِ بِالْأَمَارَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِهَا وَسَقَطَ اللَّوْثُ وَبَقِيَ أَصْلُ الدَّعْوَى

(وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلِ قَتْلٍ دُونَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ) كَأَنْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِأَصْلِهِ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ (فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُفِيدُ مُطَالَبَةَ قَاتِلٍ وَلَا عَاقِلَةٍ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَ شَاهِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَابِقْ دَعْوَاهُ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ اللَّوْثُ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ كَفَى فِي تَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ الْقَسَامَةِ عَنْ الْقَتْلِ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، إذْ لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّ جَمْعٍ جَازَ لَهُ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِهِمْ وَأَقْسَمَ، فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ اللَّوْثِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الِانْفِرَادِ وَالِاشْتِرَاكِ لَا يُعْتَبَرُ فِي صِفَتَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَأَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: مَتَى ظَهَرَ لَوْثٌ وَفَصَلَ الْوَلِيُّ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَأَقْسَمَ بِلَا خِلَافٍ، وَمَتَى لَمْ يُفَصِّلْ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ قَالَ: وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ. وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ الْمُوَافِقُ لَهُ مَا فِي الْكِتَابِ الْمَحْمُولِ عَلَى وُقُوعِ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِانْفِرَادِ وَالشَّرِكَةِ وَالْعَمْدِ وَضِدِّهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِي جَهْلًا فِي الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَالثَّانِي قَالَ بِظُهُورِهِ خَرَجَ الدَّمُ عَنْ كَوْنِهِ مُهْدَرًا

(وَلَا يَقْسِمُ فِي طَرَفٍ) وَجَرْحٍ (وَإِتْلَافِ مَالٍ) وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ وَلِحُرْمَةِ النَّفْسِ فَيُصَدَّقُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الِاكْتِفَاءُ بِهِمَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) يَنْبَغِي أَوْ عَمْدًا وَيَسْتَحِقُّ الْمُقْسِمُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَيَّنَهُ) أَيْ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ: حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يَنْفِ كُلٌّ مَا أَثْبَتَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا بَطَلَ اللَّوْثُ

(قَوْلُهُ: وَحِصَّتُهُ مِنْهُ) أَيْ النِّصْفِ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَيَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ عَلَى قَتْلٍ وَلَا جِرَاحَةٍ بَلْ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ مَثَلًا وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ سُقُوطَ الدَّمِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْعُبَابِ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْسِمُ فِي طَرَفٍ) وَفِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) اُنْظُرْ لِمَ قُيِّدَ بِهِ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَخْبَرَ عَدْلٌ إلَخْ.) مُرَادُهُ بِذَلِكَ دَفْعُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ تَصْوِيرَ هَذَا الْخِلَافِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ إلَّا مُفَصَّلَةً كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَسَامَةٌ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ مُجَرَّدُ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ إلَخْ.) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ تَسْلِيمٌ أَنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ مَا ذُكِرَ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فَكَيْفَ تَكُونُ دَعْوَى أَنَّ إطْلَاقَهُمْ بِفَهْمِ مَا ذُكِرَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ وَالْمُدَّعِي هُوَ الرَّافِعِيُّ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَأَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ إلَخْ. صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَأْيِيدَ الْبُلْقِينِيِّ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ مَتَى ظَهَرَ إلَخْ. وَمِنْهَا أَنَّهُ صَرِيحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>