وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ بِنَوْعِ كَذَا وَشَهِدَ عَدْلَانِ تَابَا بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ، أَوْ نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، أَوْ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ لَهُ فَخَطَؤُهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ صَدَقُوهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، أَوْ مَرِضَ بِسِحْرِي وَلَمْ يَمُتْ أَقْسَمَ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْثٌ كَنُكُولِهِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي (لَا بِبَيِّنَةٍ) لِتَعَذُّرِ مُشَاهَدَةِ قَصْدِ السَّاحِرِ وَتَأْثِيرِ سِحْرِهِ
(وَلَوْ) (شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ (بِجَرْحٍ) يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) (لَمْ يُقْبَلْ) وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتُهْمَتِهِ؛ إذْ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَقَدْ يُبَرِّئُ الدَّائِنُ أَوْ يُصَالِحُ، وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ نَادِرٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ مُوَرِّثَهُ حَالَ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَحْجُوبًا ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ
(وَكَذَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُوَرِّثِهِ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالسَّبَبِ النَّاقِلِ لِلشَّاهِدِ بِتَقْدِيرِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ، وَلِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ هُنَا حَالًا وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمَرِيضُ كَيْفَ أَرَادَ وَثَمَّ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ لِلْوَارِثِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَالْجَرْحِ لِلتُّهْمَةِ
(وَلَا تُقْبَلُ) (شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) أَوْ نَحْوِهِ (يَحْمِلُونَهُ) أَوْ بِتَزْكِيَةِ شُهُودِ الْفِسْقِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِذَلِكَ ضَرَرَ تَحَمُّلِهِمْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ لَا لِكَوْنِ الْأَقْرَبِينَ يَفُونَ بِالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْغِنَى مُتَوَقَّعٌ فِي الْفَقْرِ، بِخِلَافِ مَوْتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِحَسَبِ قُوَّةِ السِّحْرِ وَهَذَا وَاضِحُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا لَقَدَرَ أَنْ يَرُدَّ نَفْسَهُ إلَى الشَّبَابِ بَعْدَ الْهَرَمِ وَأَنْ يَمْنَعَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْمَوْتِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِهِ السِّيمِيَاءُ وَالْهِيمْيَاءُ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ فِي السِّحْرِ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْقِبْطُ أَيَّامَ دَلُوكَا مَلِكَةِ مِصْرَ بَعْدَ فِرْعَوْنَ، فَإِنَّهُمْ وَضَعُوا السِّحْرَ عَلَى الْبَرَابِي وَصَوَّرُوا فِيهَا صُوَرَ عَسَاكِرِ الدُّنْيَا فَأَيُّ عَسْكَرٍ قَصَدَهُمْ أَتَوْا إلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ الْمُصَوَّرِ فَمَا فَعَلُوهُ مِنْ قَلْعِ الْأَعْيُنِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ اتَّفَقَ نَظِيرُهُ لِلْعَسْكَرِ الْقَاصِدِ لَهُمْ فَتَحَامَتْهُمْ الْعَسَاكِرُ وَأَقَامُوا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ، وَالنِّسَاءُ هُنَّ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِمِصْرَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ حَكَاهُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: لَا يَظْهَرُ أَثَرُ السِّحْرِ إلَّا عَلَى فَاسِقٍ، وَيَحْرُمُ تَحْرِيمَ الْكِهَانَةِ وَالتَّنْجِيمِ وَالضَّرْبِ بِالرَّمْلِ وَبِالشَّعِيرِ وَبِالْحِمِّصِ وَالشَّعْبَذَةُ وَتَعْلِيمُ هَذِهِ كُلِّهَا وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا حَرَامٌ بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي النَّهْيِ عَنْ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «أَنَّهُ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ» ، فَمَعْنَاهُ: فَمَنْ عَلِمَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ فَلَا يَجُوزُ، وَيَحْرُمُ الْمَشْيُ إلَى أَهْلِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَتَصْدِيقُهُمْ، وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ الْقِيَافَةُ وَالطَّيْرُ وَالطِّيَرَةُ وَعَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ التَّوْبَةُ مِنْهُ اهـ دَمِيرِيٌّ، وَهَلْ مِنْ السِّحْرِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَقْسَامِ وَتِلَاوَةِ آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ تَوَلَّدَ مِنْهَا الْهَلَاكُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ الْمَذْكُورَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَشَهِدَ عَدْلَانِ) أَيْ يَعْرِفَانِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: فَخَطَؤُهُمَا) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَالْمُرَادُ دِيَتُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ بِسِحْرِيٍّ وَلَمْ يَمُتْ) أَيْ بِهِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْثٌ كَنُكُولِهِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَوْثٌ وَكَالْإِقْرَارِ نُكُولُهُ إلَخْ اهـ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لِإِيهَامِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ النُّكُولَ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي لَوْثٌ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ بِإِقْرَارٍ وَنُكُولٍ مَعَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي) أَيْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجِ ع: أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجَرْحُ لَيْسَ شَأْنُهُ أَنْ يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْرِي اهـ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ: أَيْ الْمَيِّتِ
(قَوْلُهُ: قَدْ يُبْرِئُ الدَّائِنَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِآخَرَ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ قَدْ لَا يَقْبَلُ فَيَثْبُتُ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: كَنُكُولِهِ) هَذَا هُوَ الْإِقْرَارُ الْحُكْمِيُّ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا) صَوَابُهُ بَعْدَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالسَّبَبِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ فِي تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَصُّهَا: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ