للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَرِيبِ، أَمَّا قَتْلٌ لَا يَحْمِلُونَهُ كَبَيِّنَةٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِأَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِنَحْوِ فِسْقِهِمْ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ

(وَلَوْ) (شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (فَشَهِدَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ) مُبَادِرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلَيْنِ) يَعْنِي اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا حَتَّى لَوْ سَكَتَ جَازَ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْهُمَا الشَّهَادَةَ كَافٍ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ بِهَا، كَذَا قِيلَ، وَيَرُدُّهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ حُكْمِهِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَبْلَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي (فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) حَكَمَ بِهِمَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا، وَتَحَقُّقُهَا فِي الْأَخِيرَيْنِ لِصَيْرُورَتِهِمَا عَدُوَّيْنِ بِهَا، أَوْ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ بِهَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَهَذَا التَّعْلِيلُ الْأَخِيرُ أَوْجَهُ؛ إذْ الْأَوَّلُ مُشْكِلٌ بِكَوْنِ الْمُؤَثِّرِ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةَ مِنْهَا (أَوْ) صَدَّقَ (الْآخَرَيْنِ أَوْ) صَدَّقَ (الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ بَطَلَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ، وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا، وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بَطَلَتَا: بَقَاءُ حَقِّهِ فِي الدَّعْوَى لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجُمْهُورِ بَطَلَ حَقُّهُ

(وَلَوْ) (أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ) عَنْ الْقَوَدِ وَلَوْ مُبْهَمًا (سَقَطَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِي وَلِلْجَمِيعِ الدِّيَةُ، أَمَّا الْمَالُ فَيَجِبُ لَهُ كَالْبَقِيَّةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الْعَافِي إلَّا إنْ عَيَّنَهُ وَشَهِدَ وَضُمَّ لَهُ مُكَمِّلُ الْحُجَّةِ

(وَلَوْ) (اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانِ) فِعْلٍ لِلْقَتْلِ (أَوْ مَكَانٌ أَوْ آلَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ) كَقَتْلِهِ بُكْرَةً أَوْ بِمَحَلِّ كَذَا أَوْ بِسَيْفٍ أَوْ حَزِّ رَقَبَةٍ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ (لَغَتْ) لِلتَّنَاقُضِ (وَقِيلَ) هِيَ (لَوْثٌ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِ الْقَتْلِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ ظَاهِرٌ فِي الْكَذِبِ فَلَا قَرِينَةَ يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ، وَخَرَجَ بِالْفِعْلِ الْإِقْرَارُ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ لَمْ تُلْغَ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْفِعْلِ، وَلَا فِي صِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ عَيَّنَا زَمَانًا فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمُسَافِرُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَغَتْ شَهَادَتُهَا.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ لَا يُقْبَلُ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) أَيْ لَا عَنْ طَلَبِ الْحُكْمِ بَلْ طَلَبُهُ

قَوْلُهُ

(قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهِمَا) وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَهُ، بَلْ مَتَى ادَّعَى عَلَى أَحَدٍ ثُمَّ قَالَ غَيْرُهُ مُبَادَرَةً: بَلْ أَنَا الَّذِي فَعَلْت جَاءَ فِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ

(قَوْلُهُ: وَعَدَاوَةُ الْآخَرِينَ) ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عَدَاوَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَأْبَاهُ سم، وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ تَرْجِيحِ الشَّارِحِ الثَّانِي عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ لِاسْتِفَادَتِهَا مِنْ التَّوْجِيهِ الثَّانِي

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجُمْهُورِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّهُ: أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ مَرَّة أُخْرَى، وَيُتِمُّ الْبَيِّنَةَ

(قَوْلُهُ: عَنْ الْعَافِي) أَيْ أَنَّهُ عَفَا عَلَى مَالٍ

(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْيَوْمَ) مِثْلُ الْيَوْمِ مَا لَوْ عَيَّنَ أَيَّامًا تُحِيلُ الْعَادَةُ مَجِيئَهُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيَّيْنِ يُمْكِنُهُمَا قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِخِلَافِ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) أَيْ مُرَادِ الْقِيلِ بِسُكُوتِ الْوَلِيِّ سُكُوتُهُ عَنْ التَّصْدِيقِ لَا سُكُوتُهُ عَنْ طَلَبِ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْهُمَا الشَّهَادَةَ كَافٍ: أَيْ عَنْ التَّصْدِيقِ ثَانِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>