للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ تَصْدُرْ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَأْوِيلُ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا إذَا خَرَجُوا بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَانِعِي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَمُطَاعٍ فِيهِمْ) يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا إذْ لَا شَوْكَةَ لِمَنْ لَا مُطَاعَ لَهُمْ فَهُوَ شَرْطٌ لِحُصُولِهَا إلَّا أَنَّهُ شَرْطٌ آخَرُ غَيْرُهَا (قِيلَ وَإِمَامٍ مَنْصُوبٍ) مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ، وَرُدَّ بِأَنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَلَا إمَامَ لَهُمْ وَأَهْلَ صِفِّينَ قَبْلَ نَصْبِ إمَامِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ جَعْلُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا انْفِرَادَهُمْ بِنَحْوِ بَلَدٍ وَلَوْ حَصَلَتْ لَهُمْ الْقُوَّةُ بِتَحَصُّنِهِمْ بِحِصْنٍ فَهَلْ هُوَ كَالشَّوْكَةِ أَوْ لَا الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحِصْنُ بِحَافَّةِ الطَّرِيقِ وَكَانُوا يَسْتَوْلُونَ بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَرَاءَ الْحِصْنِ ثَبَتَ لَهُمْ الشَّوْكَةُ وَحُكْمُ الْبُغَاةِ، وَإِلَّا فَلَيْسُوا بُغَاةً، وَلَا يُبَالِي بِتَعْطِيلِ عَدَدٍ قَلِيلٍ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ

(وَلَوْ) (أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ) وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ (كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا أَقَرُّوا عَلَى الْمَعَاصِي كَفَرُوا بِزَعْمِهِمْ فَلَمْ يُصَلُّوا خَلْفَهُمْ (وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ) أَيْ فَاعِلِهَا فَيَحْبَطُ عَمَلُهُ وَيَخْلُدُ فِي النَّارِ عِنْدَهُمْ (وَلَمْ يُقَاتِلُوا) أَهْلَ الْعَدْلِ وَهُمْ فِي قَبْضَتِهِمْ (تُرِكُوا) فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ إذْ لَا يُكَفَّرُونَ بِذَلِكَ بَلْ وَلَا يُفَسَّقُونَ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَوَاءٌ كَانُوا بَيْنَنَا أَوْ امْتَازُوا بِمَوْضِعٍ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَمِعَ رَجُلًا مِنْ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَيُعَرِّضُ بِتَخْطِئَةِ تَحْكِيمِهِ، فَقَالَ: كَلِمَةٌ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ إلَى زَوَالِ الضَّرَرِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْأَصْحَابِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَتِنَا (فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ) فِي حُكْمِهِمْ الْآتِي فِي بَابِهِمْ لَا بُغَاةً خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، نَعَمْ لَوْ قَتَلُوا لَمْ يَتَحَتَّمْ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ، فَإِنْ قَصَدُوهَا تَحَتَّمَ، وَإِنْ سَبُّوا الْأَئِمَّةَ أَوْ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ عُزِّرُوا إلَّا إنْ عَرَّضُوا بِالسَّبِّ فَلَا يُعَزَّرُونَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا يُفَسَّقُونَ عَدَمُ فِسْقِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَذِهِ لَا تُرَدُّ (قَوْلُهُ: سَكَنَ لَهُمْ) أَيْ تَسْكُنُ لَهَا نُفُوسُهُمْ وَتُطَمْئِنُ قُلُوبُهُمْ قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

[فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: يَحْرُمُ الطَّعْنُ فِي مُعَاوِيَةَ وَلَعْنُ وَلَدِهِ يَزِيدَ وَتَكْفِيرُهُ، وَرِوَايَةُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ وَمَا جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى ذَمِّهِمْ وَهُمْ أَعْلَامُ الدِّينِ فَالطَّاعِنُ فِيهِمْ طَاعِنٌ فِي نَفْسِهِ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ وَلِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مَحَامِلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ) أَيْ بِأَنْ أَظْهَرُوا شُبْهَةً لَهُمْ فِي الرِّدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا لِوُضُوحِ أَدِلَّةِ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ: يُصْدِرُونَ) أَيْ تَصْدُرُ أَفْعَالُهُمْ عَنْ رَأْيِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْمُطَاعُ شَرْطٌ لِحُصُولِهَا: أَيْ الشَّوْكَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ: أَيْ فِي كَوْنِهِمْ بُغَاةً

(قَوْلُهُ: بِحَافَّةِ الطَّرِيقِ) يَنْبَغِي أَوَّلًا بِحَافَّتِهَا حَيْثُ اسْتَوْلَوْا بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الزِّيَادِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ بِحِصْنٍ اسْتَوْلَوْا بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ) مُعْتَمَدٌ،

وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ: أَيْ سَبَبٌ لِخُرُوجِهِمْ

(قَوْلُهُ: تُرِكُوا) أَيْ وَلَوْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ بِمَحَلَّةٍ

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَاتِلُوا) أَيْ فَإِنْ قَاتَلُوا فَسَقَوْا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَطْعًا

(قَوْلُهُ: وَيُعَرِّضُ بِتَخْطِئَةِ تَحْكِيمِهِ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ اهـ دَمِيرِيٌّ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ) أَيْ مَعَ عَدَمِ قِتَالِهِمْ

(قَوْلُهُ: إلَى زَوَالِ الضَّرَرِ) أَيْ وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدُوهَا تَحَتَّمَ) أَيْ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ إنْ عُلِمَ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا بِرَدِّهِمْ إلَى الطَّاعَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُ الْمَتْنِ قِيلَ، وَإِمَامٌ) أَيْ بَدَلُ الْمُطَاعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَنْصُوبٍ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَلِيًّا إلَخْ.) كَانَ يَنْبَغِي وَلِأَنَّ بِالْعَطْفِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَثَرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَتِمَّ بِهِ الدَّلِيلُ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ بَقِيَّتِهِ وَهِيَ أَنَّهُ قَالَ لِلْخَارِجِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ مَا فِي الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثَةٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>