للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعْلَ شُورَى (وَ) ثَالِثُهَا (بِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ) بِالشَّوْكَةِ لِانْتِظَامِ الشَّمْلِ، هَذَا إنْ مَاتَ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا، أَيْ وَلَمْ تُجْمَعْ فِيهِ الشُّرُوطُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) وَغَيْرُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَّتْ فِيهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عِصْيَانِهِ

(قُلْت: لَوْ) (ادَّعَى) مَنْ لَزِمَتْهُ زَكَاةٌ مِمَّنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ الْبُغَاةُ (دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ) أَيْ إمَامِهِمْ أَوْ مَنْصُوبِهِ (صُدِّقَ) بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ

وَيُنْدَبُ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى صِدْقِهِ إذَا اُتُّهِمَ (بِيَمِينِهِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا (أَوْ) ادَّعَى دَفْعَ (جِزْيَةٍ فَلَا) يُصَدَّقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا كَأُجْرَةٍ؛ إذْ هِيَ عِوَضٌ عَنْ سُكْنَى دَارِنَا وَبِهِ فَارَقَتْ الزَّكَاةَ (وَكَذَا خَرَاجٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ أَوْ ثَمَنٌ وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ الذِّمِّيِّ جَزْمًا (وَيُصَدَّقُ فِي) إقَامَةِ (حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ عَلَيْهِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: بِلَا يَمِينٍ لِدَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ) أَيْ وَقَدْ قَرُبَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَوُجِدَ أَثَرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا يُصَدَّقُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ، وَإِنْكَارُ بَقَاءِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى رُجُوعِهِ وَتَأْخِيرِهِ هَذِهِ الْأَحْكَامَ إلَى هُنَا لِكَوْنِهَا مُتَعَلِّقَةً بِالْإِمَامِ.

فَإِنْ قِيلَ: وَقِتَالُ الْبُغَاةِ أَوْ نَحْوُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا أَوْ تَقْدِيمَهَا مَعَهُ، قُلْنَا هَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْبَغْيِ وَعَدَمِهِ فَكَانَتْ أَنْسَبَ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السَّلَفُ عُهُودَ بَنِي أُمَيَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ وَقَائِعُ مُحْتَمَلَةٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا نَفَّذُوا ذَلِكَ لِلشَّوْكَةِ وَخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ لَا لِلْعَهْدِ بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا) أَيْ الْإِمَامُ الَّذِي أَخَذَ عَنْهُ ذُو الشَّوْكَةِ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ نَعَمْ الْكَافِرُ إذَا تَغَلَّبَ لَا تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَقَوْلُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ: وَلَوْ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى إقْلِيمٍ فَوَلَّوْا الْقَضَاءَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ انْعِقَادُهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ يُرْجَعُ لِلْعُقَلَاءِ أَوْ امْرَأَةٍ هَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمَا الْعَامُّ فِيمَا يُوَافِقُ الْحَقَّ كَتَوْلِيَةِ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ فِيهِ وَقْفَةٌ اهـ. فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ وَقْفَةٌ فِي ذَلِكَ فَالْكَافِرُ أَوْلَى اهـ.

وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الْخَطِيبُ

(قَوْلُهُ: أَيْ إمَامِهِمْ أَوْ مَنْصُوبِهِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى فُقَرَاءِ الْبُغَاةِ أَوْ مَسَاكِينِهِمْ صُدِّقَ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ أَوْ ثَمَنٌ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ الْخَرَاجِ ثَمَنًا، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهَا وَيُقَدِّرَ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ سَنَةٍ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا لَهُمْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ وَاغْتُفِرَ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهِمْ، وَالْأَقْرَبُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ ضَرَبَ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا مُقَدَّرًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ نَوْعٍ مَخْصُوصٍ ثُمَّ دَفَعُوا بَدَلَهُ لِمُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ مَا يَقْبِضُهُ مِنْهُمْ عِوَضٌ لِمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخَرَاجِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِلَا يَمِينٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا أَثَرَهُ بِبَدَنِهِ لِلْقَرِينَةِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إلَخْ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ التَّصْدِيقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَعُمُومُ مَا سَبَقَ لَهُ يُخَالِفُهُ اهـ

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ مِنْهُ إقْرَارٌ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ لِلْمُشَاكَلَةِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقِرِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: هَذَا إنْ مَاتَ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَكَذَا تَنْعَقِدُ لِمَنْ قَهَرَهُ: أَيْ قَهَرَ ذَا الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا، فَيَنْعَزِلُ هَذَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَهَرَ عَلَيْهَا مَنْ انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِبَيْعَةٍ أَوْ عَهْدٍ فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ الْمَقْهُورُ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَنٌ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>