للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى نَدْبِهِ، فَإِنْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَوَصَفَ الْكُفْرَ فَكَافِرٌ مِنْ الْآنَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ

(وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ) مُطْلَقًا كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا لِتَفْصِيلِهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الْعَدْلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَقِيلَ: يَجِبُ التَّفْصِيلُ) بِأَنْ يُذْكَرَ مُوجِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْكُفْرِ وَخَطَرِ أَمْرِ الرِّدَّةِ، وَقَدْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) (لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ) إنْشَاءً (فَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ كَذِبًا أَوْ مَا ارْتَدَدْت (حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ) وَلَا يُعْتَدُّ بِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُحْكَمُ بِهَا (فَلَوْ) لَمْ يُنْكِرْ، وَإِنَّمَا (قَالَ كُنْت مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) تَحْكِيمًا لِلْقَرِينَةِ، وَإِنَّمَا حَلَّفْنَاهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْتَضِهِ قَرِينَةٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا فَيُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ (وَلَوْ) (قَالَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ) أَوْ فَعَلَ فِعْلَهُ (فَادَّعَى إكْرَاهًا) (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ الْقَرِينَةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا، إذْ الْإِكْرَاهُ إنَّمَا يُنَافِي الرِّدَّةَ لَا التَّلَفُّظَ بِكَلِمَتِهَا لَكِنَّ الْحَزْمَ أَنْ يُجَدِّدَ إسْلَامَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَيُحْتَاطُ لَهُ

(وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَسُجُودٍ لِكَوْكَبٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ بِزَعْمِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِ اعْتِقَادِهِ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا. وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ، وَرَجَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ اسْتِفْصَالُهُ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَ كُفْرٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ صُرِفَ إلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِعَدَمِ الشُّرْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ الْإِفَاقَةِ

(قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ إشْهَادًا مُطْلَقًا، فَلَا يُقَالُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ مُطْلَقَةً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ مُؤَنَّثٌ فَتَجِبُ الْمُطَابِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ قَبُولُهَا مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ) ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الصِّيَغِ فَقَالَ: إذَا قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَا: ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَكَلَّمَ بِمُكَفِّرٍ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ وَصَدَّقْنَاهُ وَقُتِلَ قَبْلَ الْحَلِفِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَرَجَّحَ مِنْهُمَا شَارِحُهُ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ، أَيْ وَيُعَزَّرُ قَاتِلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْآحَادِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْحَزْمَ) أَيْ الرَّأْيَ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ الثَّالِثُ

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ) أَيْ فَيُعْطَى مِنْهُ حَالًا

(قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) وَهُوَ الْمَرْجُوحُ

(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّدَّةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُكْمِ بِهَا الْقَتْلُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَضَ) الْأَوْلَى حَذْفُ إنْ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُ الْمَتْنِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ لَمْ تَفْصِلْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) يَعْنِي: ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ خَاصَّةً إذْ هُمَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) أَخْرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَتَى بِمُكَفِّرٍ كَأَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ قَالَ أَقْرَرْت كَاذِبًا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>