بِالْكَافِ فِي الْإِلْقَاءِ أَنَّ الْإِلْقَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنَّ مُمَاسَّتَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْقَذِرِ كُفْرٌ أَيْضًا وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ وَقْفَةٌ، فَلَوْ قِيلَ تُعْتَبَرُ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ (وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ) أَوْ مَخْلُوقٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ شَرِيكًا، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ كَسُجُودِ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَضْرَةِ كَافِرٍ خَشْيَةً مِنْهُ فَلَا كُفْرَ، وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، وَلَا كَذَلِكَ السُّجُودُ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ
(وَلَا تَصِحُّ) يَعْنِي تُوجَدُ؛ إذْ الرِّدَّةُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ كَالزِّنَا لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا (رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَمُكْرَهٍ) عَلَى مُكَفِّرٍ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لِلْآيَةِ، وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا فِيمَا يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ
(وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ) أُمْهِلَ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ وَ (لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى التَّعْزِيرِ لِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِنَابَةَ الْوَاجِبَةَ، وَخَرَجَ بِالْفَاءِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْجُنُونُ عَنْ الرِّدَّةِ وَاسْتُتِيبَ فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَتْمًا
(وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ كَطَلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ. وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهَا، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ، وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَأْتِيَ بِإِسْلَامٍ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مَعَ قَصْرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ، وَمَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ اغْتِفَارُ تَأْخِيرِ الرِّدَّةِ لِلْغَاصِبِ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ فَوْرًا فَهَذَا أَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ كَالْمَجْنُونِ (وَإِسْلَامُهُ) سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَمْ قَبْلَهُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِأَقْوَالِهِ كَالصَّاحِي فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَالنَّصُّ عَلَى عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَهَا مَحْمُولٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا، بَلْ لَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ تَوَاضُعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ نَصُّهَا: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ: أَيْ الْقِيَامِ لِلْإِكْرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ حَيْثُ كَانَ مَكْرُوهًا، وَبَيْنَ حُرْمَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ لِلْغَيْرِ إعْظَامًا بِأَنَّ صُورَةَ نَحْوِ الرُّكُوعِ لَمْ تُعْهَدْ إلَّا لِعِبَادَةِ اللَّهِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْقِيَامِ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ وَبِأَنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ لِمَخْلُوقٍ، وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ، وَقَوْلُهُ عَنْهُمَا: أَيْ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ
(قَوْلُهُ: فَدَلَّتْ) أَيْ مُؤَاخَذَتُهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ) ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إذَا وَقَعَ سُكْرُهُ فِي رِدَّتِهِ هَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا سَكِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ فَتَحْكُمُ بِنُفُوذِ ذَلِكَ مِنْهُ لِتَعُدِّيهِ بِالسُّكْرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى شُرْبِهِ الْمُسْكِرَ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إذَا لَمْ يُظْهِرْ شُرْبَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَظْهَرَ شُرْبَهَا، فَإِنَّا نَمْنَعُهُ مِنْ التَّظَاهُرِ بِذَلِكَ بِالتَّعْزِيرِ وَنَحْوِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ حُرْمَتَهُ، وَعَدَمُ اعْتِقَادِهِمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ مُمَاسَّتَهُ بِشَيْءٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ مُمَاسَّتِهِ وَالْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ مِنْ شَيْءٍ
(قَوْلُهُ: عَنْهُمَا) لَعَلَّهُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ كَمَا قَالَهُ سم
(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ إلَخْ.) هَذَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ) هَلَّا كَانَ الْأَفْضَلُ تَعْجِيلَ اسْتِتَابَتِهِ ثُمَّ اسْتِتَابَتُهُ أَيْضًا بَعْدَ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ بَحَثَ هَذَا