بِنْتِ الصُّلْبِ وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لِلْغَيْرِ وَمَا لِمُنْكِرِهِ أَوْ لِمُثْبِتِهِ تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَطْعِيِّ الْبُطْلَانِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ وَمَا نُوزِعَ بِهِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ شُهْرَتِهِ يُرَدُّ بِمَنْعِ ضَرُورِيَّتِهِ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ
(أَوْ) (عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا) مَثَلًا (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيَفْعَلُهُ أَوْ لَا (كَفَرَ) حَالًا فِي كُلِّ مَا مَرَّ لِمُنَافَاتِهِ الْإِسْلَامَ، وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ رَمَى بِنْتَهُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَلَا يُكَفَّرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إلَّا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي
(وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ) أَوْ عِنَادًا لَهُ (أَوْ جُحُودًا لَهُ) (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ.
قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ (بِقَاذُورَةٍ) أَوْ قَذِرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطٍ أَوْ بُزَاقٍ أَوْ مَنِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ، وَقَضِيَّةُ إتْيَانِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُخَالِفُهُ
(قَوْلُهُ: وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَصْلِ الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْكَارُ الْعِدَّةِ مِنْ أَصْلِهَا كُفْرٌ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَعِلْمِهِ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ كُفْرًا مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إنْكَارَ صُحْبَةِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ كَبَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ لَا يُكَفَّرُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ بِالنَّصِّ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكَفَّرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ) هُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي وَجْهٍ) أَيْ ضَعِيفٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ
[فَرْعٌ] قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِ هـ: أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ إلَخْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ، إذْ لَوْ عُطِفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضِ
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ بِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرِهِ أَنَّهُ يُكَفَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ لِمَا فَسَّرَ بِهِ الرِّدَّةَ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي الْكُفْرِ.
[فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ بِهِمَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَيَنْتَقِلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ حُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ إلَى الْمُصْحَفِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالْحُرْمَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ بِالْحُرْمَةِ فِيمَا لَوْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِيَسَارِهِ مَعَ تَعَطُّلِ الْيَمِينِ وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِلْكِتَابَةِ لِلْغِنَى أَوْ بِكَتْبِ غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا تَحَكُّمٌ عَقْلِيٌّ لَا يُسَاعِدُهُ قَاعِدَةٌ وَلَا نَقْلٌ. وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي تَفْصِيلِهِ، بَلْ وَكَانَ يُقَالُ عَلَى طِبْقِ مَا أَجَابَ بِهِ إنْ كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ لِلدِّرَاسَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ التَّعْلِيلِ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ
(قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ) وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَتِهِ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوُهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ. وَبَقِيَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَثَلًا يَضْرِبُ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا أَمْ لَا وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ، نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَوَّحَ بِالْكُرَّاسَةِ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَهُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .