للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ أَصَالَةً لِلْعَيْنِ، وَالشُّبْهَةُ أَمْرٌ طَارِئٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يُغْنِ عَنْهَا وَتَعَيَّنَ ذِكْرُهَا لِإِفَادَةِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ طُرُوِّهَا عَلَى الْأَصْلِ (وَدُبُرِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَقُبُلٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) فَفِيهِ رَجْمُ الْفَاعِلِ الْمُحْصَنِ وَجَلْدُ وَتَغْرِيبُ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ دُبُرَ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ زِنَى وَفَارَقَ دُبُرَهُ إتْيَانُ أَمَتِهِ وَلَوْ مُحَرَّمًا فِي دُبُرِهَا حَيْثُ لَا يُحَدُّ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ بِأَنَّ الْمِلْكَ يُبِيحُ إتْيَانَ الْقُبُلِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يُبِيحُ هَذَا الْمَحَلَّ بِحَالٍ، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ فَاعِلُهُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ لَا، وَفِي طَرِيقٍ أَنَّ الْإِيلَاجَ فِي دُبُرِ الْمَرْأَةِ زِنًى وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ إتْيَانَهُ حَلِيلَتَهُ فِي دُبُرِهَا لَا حَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَائِرَ جَسَدِهَا مُبَاحٌ لِلْوَطْءِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي الدُّبُرِ وَأَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ تَحْرِيمُهَا لِعَارِضٍ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ هَذَا حُكْمُ الْفَاعِلِ.

أَمَّا الْمَوْطُوءُ فِي دُبُرِهِ، فَإِنْ أُكْرِهَ أَوْ لَمْ يُكَلَّفْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ وَلَوْ مُحْصَنًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ إذْ الدُّبُرُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إحْصَانٌ، وَفِي وَطْءِ الْحَلِيلَةِ التَّعْزِيرُ إنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ عَنْهُ.

(وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ) وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا إيلَاجَ فِيهِ كَسِحَاقٍ، وَلَوْ مَكَّنَتْ نَحْوَ قِرْدٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا حَدٌّ (وَوَطْءُ زَوْجِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَبِالتَّاءِ: أَيْ لَهُ (وَأَمَتِهِ فِي) نَحْوِ دُبُرٍ وَ (حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ عَارِضٍ كَالْإِيذَاءِ وَإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ، وَمِثْلُهُ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ بِظَنِّ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً فَهُوَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَا حُرْمَةٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ

(قَوْلُهُ: ذَكَرٍ وَأُنْثَى) أَيْ غَيْرِ حَلِيلَةٍ كَمَا يَأْتِي حُرَّةً أَوْ أَمَةً

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ دُبُرَهُ) أَيْ دُبُرَ الْعَبْدَ الْمَمْلُوكَ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يُحَدُّ بِهِ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ

(قَوْلُهُ: يُبِيحُ إتْيَانَ الْقُبُلِ فِي الْجُمْلَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ جَعَلَهُ فِي الْمَنْهَجِ عِلَّةً لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمِ فِي دُبُرِهَا، أَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فَعَلَّلَهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يُبِيحُ لَهُ سَائِرَ جَسَدِهَا: أَيْ وَمِنْهُ التَّمَتُّعُ بِحَلْقَةِ الدُّبُرِ فَدُبُرُ الْأَمَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُبَاحٌ فِي الْجُمْلَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُبِيحُ هَذَا الْمَحَلَّ) أَيْ الْعَبْدَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ مِنْهُ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمَةَ تُبَاحُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ

(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ فَاعِلُهُ) أَيْ فَاعِلُ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ إتْيَانَهُ حَلِيلَتَهُ فِي دُبُرِهَا) أَيْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً

(قَوْلُهُ: لَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِرَارًا وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ عَادَ بَعْدَ نَهْيِ الْحَاكِمِ عَنْهُ

(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَهَ الْأُنْثَى عَلَى ذَلِكَ لَا مَهْرَ لَهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ: أَيْ فَلَا يَجِبُ لَهُ مَالٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِتَسْوِيَتِهِمْ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا فَيَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْبَهْجَةِ بِقَوْلِهِ:

وَالدُّبُرُ مِثْلُ الْقُبُلِ فِي الْإِتْيَانِ ... لَا الْحِلِّ وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ

وَفَيْئَةُ الْإِيَلَا وَنَفْيُ الْعِنَّهْ ... وَالْإِذْنُ نُطْقًا وَافْتِرَاشُ الْقِنَّهْ

(قَوْلُهُ: وَفِي وَطْءِ الْحَلِيلَةِ) أَيْ فِي دُبُرِهَا

(قَوْلُهُ: إنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ نَهْيِ الْحَاكِمِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ وَإِنْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا حَدٌّ) أَيْ وَتُعَزَّرُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَقْهَرْهَا عَلَى ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) أَيْ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ) أَيْ فِي قُبُلِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ يُفْهَمُ أَنَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ لِذَلِكَ لَا حَدَّ فِيهِ.

وَمِنْهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ، لَكِنْ نَازَعَ سم فِي كَوْنِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ إلَخْ.) حَاصِلُهُ أَنَّ الشُّبْهَةَ أَيْضًا يَتَّصِفُ فِيهَا الْفَرْجُ بِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا حَدَّ فِيهِ لِلشُّبْهَةِ فَتَعَيَّنَ ذِكْرُهَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجَلْدٌ وَتَغْرِيبُ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْفَاعِلِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمِلْكَ يُبِيحُ إتْيَانَ الْقُبُلِ فِي الْجُمْلَةِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ فِي دُبُرِهَا وَهُوَ تَابَعَ فِي هَذَا حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ لَمْ يَقُلْ فِي دُبُرِهَا لِأَنَّهُ يَخْتَارُ أَنَّهُ يُحَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أُنْثَى

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ) لَا يَتَأَتَّى فِي قَوْلِهِ نَحْوُ

<<  <  ج: ص:  >  >>