للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أَثِمَ إثْمَ الزِّنَا بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ لَا يُحَدُّ لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْفَرْجِ لِعَيْنِهِ (وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ) لِكَوْنِ التَّحْرِيمِ عَارِضًا أَيْضًا قَطْعًا، وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ (وَكَذَا مَمْلُوكَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَلِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ ابْنَتِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لَهَا فَلَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حَالَةَ وَطْئِهَا عَلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لَهَا كَمَا يَأْتِي فَلَا اعْتِرَاضَ أَيْضًا، وَكَذَا مَنْ ظَنَّهَا حَلِيلَتَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ مَمْلُوكَتَهُ كُلًّا لَا بَعْضًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا فَرْقَ.

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ظَنَّ مِلْكِ الْبَعْضِ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ فَلَيْسَ شُبْهَةً كَمَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَظَنَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مُسْقِطٌ لَوْ وُجِدَ حَقِيقَةً فَاعْتُقِدَ مُسْقِطًا، بِخِلَافِ الثَّانِي لَا يَسْقُطُ بِوَجْهٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ اعْتِقَادُهُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمُسْقِطِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَظُنَّ الْحِلَّ فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي الشُّبْهَةِ فِيهَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا هُنَا، وَمَنْ ادَّعَى جَهْلَ التَّحْرِيمِ بِنَسَبٍ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا وَوَطْئِهَا لَمْ يُصَدَّقْ، نَعَمْ إنْ جَهِلَ مَعَ ذَلِكَ النَّسَبِ، وَلَمْ يَبِنْ لَنَا كَذِبُهُ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ بِتَحْرِيمِهَا بِرَضَاعٍ صُدِّقَ أَيْضًا فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ إنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَوْ بِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً وَأَمْكَنَ جَهْلُهُ بِذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَحُدَّتْ هِيَ دُونَهُ إنْ عَلِمَتْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ (وَمُكْرَهٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ.

وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمَحْرَمِيَّةِ الَّتِي لَا يُسْتَبَاحُ الْوَطْءُ مَعَهَا بِحَالٍ وَيَقُولُ الِانْتِشَارُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَهْوَةٍ وَاخْتِيَارٍ (وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا) الْأَصْلَ أَبَاحَهَا فَضَمِنَ أَبَاحَ قَالَ، أَوْ زَادَ الْبَاءَ تَأْكِيدًا أَوْ أَضْمَرَ الْوَطْءَ: أَيْ أَبَاحَهُ بِسَبَبِهَا (عَالِمٌ) يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ لِشُبْهَةِ إبَاحَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ الْفَاعِلُ (كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى مَا اُشْتُهِرَ عَنْهُ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ مَذْهَبِهِ اعْتِبَارُهُمَا فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ دَاوُد، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِجَعْلِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ جَرَيَانَهُ مُؤَقَّتًا بِدُونِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، فَإِذَا انْتَفَى مَعَ وُجُودِ التَّأْقِيتِ الْمُقْتَضِي لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ فَلَأَنْ يَنْتَفِيَ مَعَ انْتِفَائِهِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَالثَّانِي يُحَدُّ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (وَلَا بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمُصَنِّفِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِزَجْرٍ عَنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَثِمَ إثْمَ الزِّنَا) أَيْ فَيَفْسُقُ بِهِ وَتَسْقُطُ شَهَادَتُهُ وَتُسْلَبُ الْوِلَايَاتُ عَنْهُ

(قَوْلُهُ: لِزَوَالِ مِلْكِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِذَلِكَ كَكَوْنِهِ مُكَاتَبًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَاشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: كُلًّا لَا بَعْضًا) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ كُلًّا لَا بَعْضًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي: هُوَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ السَّرِقَةِ) أَيْ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَكِ

(قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ جَهْلُهُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ مُضِيَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ نَحْوِهَا كَافٍ فِي الْعِدَّةِ فَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الظَّنِّ وَوَطِئَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْمُسْقِطِ لِلْحَدِّ مَا لَوْ اُضْطُرَّتْ امْرَأَةٌ لِطَعَامٍ مَثَلًا، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهَا بِهِ إلَّا حَيْثُ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَمَكَّنَتْهُ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ، وَهُوَ لَا يُبِيحُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا عَالِمٌ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ

(قَوْلُهُ: كَمَا نُقِلَ عَنْ دَاوُد) أَيْ الظَّاهِرِيِّ

(قَوْلُهُ: مِنْ أَمْثِلَةٍ) مَفْعُولٌ ثَانٍ، (وَقَوْلُهُ جَرَيَانَهُ) مَفْعُولٌ أَوَّلُ لِجَعْلِهِ: (وَقَوْلُهُ مَعَ انْتِفَائِهِ) : أَيْ التَّأْقِيتِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) ع: اُسْتُشْكِلَ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا.

أَقُولُ: الْجَوَابُ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ اهـ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْله عَلَى أَنْ يُتَصَوَّرَ إلَخْ.) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَحْرِيمِهَا بِرَضَاعٍ) أَيْ ادَّعَى جَهْلَ تَحْرِيمِهَا بِرَضَاعٍ (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ) يَعْنِي: فِي حِلِّهِ (قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: جَرَيَانَهُ) مَعْمُولُ جَعَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>