وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَهًى طَبْعًا.
وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الْحَيَّةِ (وَلَا) بِوَطْءِ (بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ لِذَلِكَ وَيُمْتَنَعُ قَتْلُهَا، وَلَا يَجِبُ ذَبْحُ الْمَأْكُولَةِ، فَإِنْ ذُبِحَتْ أُكِلَتْ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ فِيهِمَا.
وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ.
وَالثَّالِثُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ لَا.
(وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ لِلزِّنَا) بِهَا لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ؛ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَقْدِ الْبَاطِلِ بِوَجْهٍ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ شُبْهَةٌ يُنَافِيهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَمِنْ ثَمَّ ضَعُفَ مُدْرَكُهُ وَلَمْ يُرَاعَ خِلَافُهُ بِخِلَافِهِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَاتُّجِهَ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ حَدَّهُ لَوْ رُفِعَ الْحَنَفِيُّ الْفَاعِلُ لَهُ إلَيْهِ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ كَنَظِيرِهِ فِي النَّبِيذِ (وَمُبِيحَةٍ) لِكَوْنِ الْإِبَاحَةِ هُنَا لَغْوًا (وَمَحْرَمٍ) وَوَثَنِيَّةٍ وَخَامِسَةٍ وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا وَمُلَاعَنَةٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ وَذَاتِ زَوْجٍ (وَإِنْ كَانَ) قَدْ (تَزَوَّجَهَا) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِتَزَوُّجِهِ مَجُوسِيَّةً لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ.
(وَشَرْطُهُ) الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ، فَلَا حَدَّ عَلَى حَرْبِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَ (التَّكْلِيفُ) فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (إلَّا) (السَّكْرَانَ) الْمُتَعَدِّيَ بِسُكْرِهِ فَيُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا عَلَى الْأَصَحِّ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (وَعُلِمَ تَحْرِيمُهُ) فَلَا حَدَّ عَلَى جَاهِلٍ بِهِ.
(وَحَدُّ الْمُحْصَنِ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (الرَّجْمُ) إلَى مَوْتِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ» ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالْإِحْصَانُ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَوَرَدَ فِي الشَّرْعِ لِمَعَانٍ: الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ، وَفُسِّرَ بِكُلٍّ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: ٢٥] وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَالتَّزْوِيجِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤] وَالْعِفَّةِ عَنْ الزِّنَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] وَالْإِصَابَةِ فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤] وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (وَهُوَ مُكَلَّفٌ) وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ، نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ فِيهِمَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ وَالْبَهِيمَةِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ) أَيْ الِاسْتِئْجَارَ (قَوْلُهُ: الْفَاعِلَ لَهُ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ
(قَوْلُهُ: وَمُبِيحَةٍ) ع: أَيْ وَلَا مَهْرَ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ وَمَحْرَمٍ وَوَثَنِيَّةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ
(قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى جَاهِلٍ بِهِ) أَيْ حَيْثُ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ.
[فَرْعٌ] فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ بَلَغَنِي وَفَاةُ زَوْجِي فَاعْتَدَدْت وَتَزَوَّجْت فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا اهـ: أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُكَلَّفٌ) أَيْ الْمُحْصَنُ الَّذِي يُرْجَمُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: الْفَاعِلَ لَهُ) أَيْ لِلِاسْتِئْجَارِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ) لَعَلَّهُ إذَا كَانَ فَسَادُهُ لِعَدَمِ قَابِلِيَّةِ الْمَحَلِّ كَمَا هُنَا، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ
(قَوْلُهُ: رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي غَيَّبَ حَشَفَتَهُ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْلُهُ: وَكَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي إحْصَانِ الْوَاطِئِ يُعْتَبَرُ فِي إحْصَانِ الْمَوْطُوءَةِ (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ مِنْهَا) الْمَعْنَى بِجَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ) أَيْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ هَذِهِ الْغَايَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا إلَخْ.) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ.
وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ لِأَنَّ صُورَةَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ مَنْ زَنَى جَاهِلًا بِالْبُلُوغِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الزِّنَى بَالِغًا هَلْ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ أَوْ لَا.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَفِيمَنْ زَنَى جَاهِلًا بِبُلُوغِهِ ثُمَّ بَانَ بَالِغًا وَقْتَهُ وَجْهَانِ انْتَهَتْ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ إلَخْ. الَّذِي تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ مَعْنَاهُ، وَإِنْ طَرَأَ التَّكْلِيفُ فِي أَثْنَاءِ الزِّنَى