للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزِّنَى وَطَلَبَتْ الْمَهْرَ وَشَهِدَ أَرْبَعٌ بِبَكَارَتِهَا وَجَبَ الْمَهْرُ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ لَا الْحَدُّ لِسُقُوطِهِ بِهَا.

(وَلَوْ) (عَيَّنَ شَاهِدٌ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (زَاوِيَةً) أَوْ زَمَنًا مَثَلًا (لِزِنَاهُ وَ) عَيَّنَ (الْبَاقُونَ غَيْرَهَا) أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ الزَّمَنِ لِذَلِكَ الزِّنَى (لَمْ يَثْبُتْ) لِلتَّنَاقُضِ الْمَانِعِ مِنْ تَمَامِ الْعَدَدِ بِزَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُحَدُّ الْقَاذِفُ وَالشُّهُودُ

(وَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ الْحَدَّ (الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ حُرٍّ) لِلِاتِّبَاعِ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِهِ لِصَارِفٍ (وَمُبَعَّضٍ) لِتَعَلُّقِ الْحَدِّ بِجُمْلَتِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا بَعْضُهَا وَقِنٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مَوْقُوفٌ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَمُوصًى بِعِتْقِهِ زَنَى بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْسَابَهُ لَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقِنٌّ مَحْجُورٌ لَا وَلِيَّ لَهُ وَقِنٌّ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ كَمُسْتَوْلَدَةٍ وَاسْتِيفَاءُ الْإِمَامِ مِنْ مُبَعَّضٍ هُوَ مَالِكُ بَعْضِهِ، وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ لَا الْمِلْكِ فِيمَا يُقَابِلُهُ لِاسْتِحَالَةِ تَبْعِيضِهِ اسْتِيفَاءً فَكَذَا فِي الْحُكْمِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا فِي تَكْمِلَةِ التَّدْرِيبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ فَأَمْكَنَتْ الِاسْتِحَالَةُ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْحُكْمُ فَلَا قِيَاسَ، وَيَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْإِمَامِ بَعْضُ نُوَّابِهِ.

(وَيُسْتَحَبُّ) (حُضُورُ) جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ أَثَبَتَ الزِّنَى بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَحُضُورُ (الْإِمَامِ) مُطْلَقًا أَيْضًا (وَشُهُودُهُ) أَيْ الزِّنَى اسْتِيفَاءَهُ، وَنُدِبَ حُضُورُ الْجَمْعِ وَالشُّهُودِ مُطْلَقًا وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُضُورَ الْبَيِّنَةِ كَافٍ عَنْ حُضُورِ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أُرِيدَ أَصْلُ السُّنَّةِ لَا كَمَالُهَا، وَيُنْدَبُ لِلْبَيِّنَةِ الْبَدَاءَةُ بِالرَّجْمِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ بَدَأَ الْإِمَامُ.

(وَيُحَدُّ الرَّقِيقُ) لِلزِّنَى وَغَيْرِهِ كَقَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ حَدِّ شُرْبٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَلَهُ أَيْضًا الْمُلَاعَنَةُ بَيْنَ عَبْدِهِ وَزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَوْ قَذَفَهَا فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي جَوَازِ إقَامَةِ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ وَقَيِّمٍ الْحَدَّ فِي قِنِّ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

دُونَ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ الَّذِي هُوَ طَرِيقُهَا لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا الْحَدُّ) أَيْ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ بِزَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ) بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْمَرَّةِ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْهَيْئَةِ، وَالْمُنَاسِبُ هُنَا الْأَوَّلُ لِوَصْفِهِ بِالْوَحْدَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِهِ لِصَارِفٍ) وَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِي دَعْوَى الصَّارِفِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدِّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِهِ لِصَارِفٍ: أَيْ فَلَوْ قَصَدَهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ لِإِهْدَارِهِ بِثُبُوتِ زِنَاهُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا، بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّ حَدَّهُ بَاقٍ وَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَيُعِيدُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْهِلَهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ أَثَرِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ إنْ مَاتَ بِمَا فَعَلَهُ بِهِ الْإِمَامُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ حَدٍّ (قَوْلُهُ: وَقِنٌّ كُلُّهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَوْقُوفٌ

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَهُوَ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَالْحُكْمُ فِي غَيْرِهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ عُزِلَ أَثْنَاءَ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: أَمْ بِالْإِقْرَارِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ: أَيْ حُضُورِ الْجَمْعِ إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ تَحْضُرْ أَنَّهُ مَعَ حُضُورِهَا لَا يُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ظُهُورِ أَمْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَحُضُورُ الْإِمَامِ مُطْلَقًا) أَيْ حَضَرَتْ الْبَيِّنَةُ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَ غَيْرِ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي يَحْضُرُ عِنْدَهُ مَنْ ثَبَتَ إقْرَارُهُ بِحُضُورِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ.

(قَوْلُهُ: الْحَدَّ فِي قِنِّ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، وَيُعْلَمُ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الدَّمِيرِيِّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَوَاشِي سم (قَوْلُهُ: وَشَهِدَ أَرْبَعٌ بِبَكَارَتِهَا) يَنْبَغِي مَجِيءُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبُلْقِينِيِّ الْمَارَّيْنِ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ تَبْعِيضِهِ اسْتِيفَاءً) أَيْ بِأَنْ يُجْعَلَ بَعْضُهُ لِلْحُرِّيَّةِ وَبَعْضُهُ لِلرِّقِّ، وَوَجْهُ الِاسْتِحَالَةِ أَنَّ كُلَّ صَوْتٍ وَقَعَ فَهُوَ عَلَى حُرٍّ وَرَقِيقٍ (قَوْلُهُ: فَأَمْكَنَتْ الِاسْتِحَالَةُ) أَيْ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ حُضُورُ الْجَمْعِ وَالشُّهُودِ مُطْلَقًا إلَخْ.) فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ وَحَقُّهَا وَنُدِبَ حُضُورُ الْجَمْعِ مَعَ الشُّهُودِ هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بِإِبْدَالِ الْوَاوِ بِمَعَ وَحَذْفِ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: الْمَمْلُوكَةِ) أَيْ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَحَاكِمٍ) مَرَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>