للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(سَيِّدُهُ) وَلَوْ أُنْثَى إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِغَيْرِهَا سَوَاءٌ أَذِنَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَحُدَّهَا» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ قِنِّهِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يُقِمْهُ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُجْبِرَ لَا يُزَوِّجُ حِينَئِذٍ مَعَ عِظَمِ شَفَقَتِهِ فَالسَّيِّدُ أَوْلَى.

وَاسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ لَهُ حَدَّهُ إذَا قَذَفَهُ قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْقَذْفِ قَدْ لَا يُوَلِّدُ عَدَاوَةً ظَاهِرَةً، وَيُنْدَبُ لَهُ بَيْعُ أَمَةٍ زَنَتْ ثَالِثَةً، وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ لَمْ يَحُدَّهُ إلَّا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا يَوْمَ زِنَاهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ زَنَى ثُمَّ بِيعَ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي حَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا حَالَ الزِّنَى فَحَلَّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ كَمَا يَحِلُّ مَحَلَّهُ فِي تَحْلِيلِهِ مِنْ إحْرَامِهِ وَعَدَمِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لَمَّا زَنَى كَانَ حُرًّا فَلَمْ يَتَوَلَّ حَدَّهُ إلَّا الْإِمَامُ فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ تِلْكَ بِهَذِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ ثُمَّ عَتَقَ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْإِمَامِ لَا السَّيِّدِ (أَوْ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِمَامِ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ (فَالْأَصَحُّ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) كَمَا يَجْلِدُهُ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيبَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ.

وَالثَّانِي يَحُطُّ رُتْبَةَ السَّيِّدِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْمُكَاتَبَ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (كَحُرٍّ) فَلَا يَحُدُّهُ إلَّا الْإِمَامُ لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ السَّيِّدِ.

وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) السَّيِّدَ (الْكَافِرَ وَالْفَاسِقَ وَالْمُكَاتَبَ) وَالْجَاهِلَ الْعَارِفَ بِمَا مَرَّ (يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ الثَّانِي.

وَالثَّانِي: لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ فِي الْحَدِّ وِلَايَةً وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ إقَامَتَهُ مِنْ السَّيِّدِ إنَّمَا هِيَ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْلَاحِ كَالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ الْحَدُّ بِعِلْمِهِ، بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْمُسْلِمِ الْمَمْلُوكِ لِكَافِرٍ يَحُدُّهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ لَا سَيِّدُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (السَّيِّدَ يُعَزِّرُ) عَبْدَهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَحُدُّهُ وَكَوْنُ التَّعْزِيرِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، بِخِلَافِ الْحَدِّ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ كَالْقَاضِي، أَمَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ جَزْمًا (وَ) أَنَّهُ (يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّفِيهِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى قِنِّهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِصْلَاحِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ

(قَوْلُهُ: سَيِّدُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ بِأَنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ فَإِنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ.

وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ فَلَا يُشْكَلُ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَا يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ سَيِّدُهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمُؤْنَتُهُ: أَيْ الْمُغَرَّبِ فِي مُدَّةِ تَغْرِيبِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَعَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحَضَرِ اهـ.

وَفِي الْعُبَابِ: ثُمَّ إنْ غَرَّبَهُ: أَيْ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ فَأُجْرَةُ تَغْرِيبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ غَرَّبَهُ الْإِمَامُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ اهـ.

وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَأَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ مُؤْنَةُ تَغْرِيبِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى السَّيِّدِ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا فِي الْعُبَابِ بِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَضْمَنُ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ وَزِنَاهُ كَالْجِنَايَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ زَنَتْ ثَالِثَةً) أَيْ مَرَّةً ثَالِثَةً

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: تِلْكَ) أَيْ مَسْأَلَةُ الذِّمِّيِّ، (وَقَوْلُهُ بِهَذِهِ) : أَيْ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ) أَيْ الْعَبْدُ

(قَوْلُهُ: كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْإِمَامِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ الْقِيَاسِ مَا ذُكِرَ بَلْ قِيَاسُهُ اسْتِيفَاءُ السَّيِّدِ (لِرِقِّهِ حَالَ الْجِنَايَةِ) ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ

(قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَالْجَاهِلَ الْعَارِفَ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الْحَدِّ وَإِنْ كَانَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمِ الْمَمْلُوكِ) اسْتِثْنَاءٌ مَعْنًى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّ الْكَافِرَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: إمَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ) وَبَقِيَ حَقُّ غَيْرِهِ كَأَنْ سَبَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْقِيَاسِ بَلْ الْقِيَاسُ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَوْلَى) أَيْ إذَا لَمْ يُنَازِعْهُ الْإِمَامُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>