صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (إلَّا السَّكْرَانَ) فَيُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (وَالِاخْتِيَارُ) فَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِيرِ، وَبِهِ فَارَقَ قَتْلَهُ إذَا قَتَلَ لِوُجُودِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَيَجِبُ التَّلَفُّظُ بِهِ لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ، وَكَذَا مُكْرِهُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَفَارَقَ مُكْرِهَ الْقَاتِلِ بِأَنَّهُ آلَتُهُ؛ إذْ يُمْكِنُهُ أَخْذُ يَدِهِ فَيَقْتُلُ بِهَا دُونَ لِسَانِهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، وَكَذَا لَا يُحَدُّ جَاهِلٌ بِتَحْرِيمِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِنَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ.
(وَيُعَزَّرُ) الْقَاذِفُ (الْمُمَيِّزُ) صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا لَهُ وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ بِالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ.
(وَلَا يُحَدُّ أَصْلٌ) أَبٌ أَوْ أُمٌّ وَإِنْ عَلَا (بِقَذْفِ الْوَلَدِ) وَمَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ (وَإِنْ سَفَلَ) كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حَبْسِهِ بِدَيْنِهِ بِأَنَّ الْحَبْسَ عُقُوبَةٌ قَدْ تَدُومُ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ بِحَبْسِ الْفَرْعِ لَهُ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَمْ يَلْقَ بِحَالِ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَتَى عُزِّرَ فَذَاكَ لِحَقِّهِ تَعَالَى لَا لِلْوَلَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ وَلَمْ يَقُلْ هُنَا وَلَا لَهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَدِ لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ كَانَ لِزَوْجَةِ وَلَدِهِ وَلَدٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَسْتَوْفِيهِ جَمِيعَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ: يَا وَلَدَ الزِّنَا كَانَ قَذْفًا لِأُمِّهِ فَيُحَدُّ لَهَا بِشَرْطِهِ
وَإِذَا وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ (فَالْحُرُّ) حَالَةَ قَذْفِهِ (حَدُّهُ ثَمَانُونَ) جَلْدَةً لِلْآيَةِ فَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ قَذَفَ ذِمِّيٌّ ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ فَيُجْلَدُ ثَمَانِينَ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْقَذْفِ (وَالرَّقِيقُ) حَالَةَ الْقَذْفِ أَيْضًا وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا حَدُّهُ (أَرْبَعُونَ) جَلْدَةً إجْمَاعًا، وَبِهِ خُصَّتْ الْآيَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا يُحَدُّ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ) لَوْ لَمْ يُعْلَمْ إكْرَاهُهُ، وَادَّعَاهُ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا أَوْ يُقْبَلُ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ؟ لَا يَبْعُدُ الثَّالِثُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّلَفُّظُ بِهِ) أَيْ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا) أَيْ وَيُعَزَّرُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ) أَيْ مِنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ مِنْ أُمٍّ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى) هَلْ مِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْحُقُوقِ فَيُعَزَّرُ الْأَصْلُ عَلَيْهَا لِوَلَدِهِ أَوْ لَا.
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَذَى فِي الْقَذْفِ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَيُعَزَّرُ لِفَرْعِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْحُقُوقِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الشَّارِحِ فِي فَصْلِ التَّعْزِيرِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ لَهُ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ
(قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ كَانَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْوُرُودُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَهُ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْحَدَّ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: لِئَلَّا إلَخْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إيرَادُهُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ صِدْقًا أَنَّهُ وَرِثَهَا إذْ لَا يَسْتَغْرِقُ إرْثَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ) أَيْ فَإِذَا قَذَفَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَتْ وَوَرِثَهَا ابْنُهُ وَابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلِابْنِهَا مِنْ غَيْرِهِ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِابْنِ الزَّوْجِ الْحَدُّ
(قَوْلُهُ: يَا وَلَدَ الزِّنَى) أَيْ وَلَوْ هَازِلًا
(قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ لَهَا بِشَرْطِهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ نَحْوِ التَّوْبَةِ مِنْ الزِّنَى لَا يَثْبُتُ بِهَا وَصْفُ الْإِحْصَانِ (قَوْلُهُ: لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ) أَيْ لَا لِتَشَفٍّ أَوْ نَحْوِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ لَهُ تَمْيِيزٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ
(قَوْلُهُ: بِحَبْسِ الْفَرْعِ لَهُ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ مَعْنَاهُ عَدَمُ الْإِثْمِ مِنْ الْفَرْعِ فَاحْتَاجَ لِتَصْوِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ يُفْهَمُ ثُبُوتُ الْإِثْمِ لِلْفَرْعِ فِي تَعْزِيرِ الْأَصْلِ لَهُ بَلْ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ مَا زَادَهُ عَلَى قَوْلِهِمْ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ الَّذِي مَعْنَاهُ عَدَمُ الْإِثْمِ مِنْ الْأَصْلِ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ مَنْعَ حَبْسِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عُقُوبَةٌ قَدْ تَدُومُ.
وَالثَّانِي عَدَمُ الْإِثْمِ مِنْ الْأَصْلِ بِسَبَبِ الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ الدَّيْنُ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ إلَخْ.) قَالَ سم: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إيرَادُهُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمِنْ وَرَثَةِ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ صُدِّقَ أَنَّهُ وَرِثَهَا إذْ لَا يَسْتَغْرِقُ إرْثَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يَمْنَعُ الْوُرُودَ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَهُ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْحَدَّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اهـ