للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَنَّ مَنْعَ الشَّهَادَةِ فِيهَا لِلْقَذْفِ مُصَرَّحٌ بِأَنَّهَا فِي الْأَحْرَارِ وَتَغْلِيبًا لِحَقِّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَمَا يَجِبُ لِلْآدَمِيِّ يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْقِنُّ وَإِنْ غَلَبَ حَقُّ الْآدَمِيِّ فِي تَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَسُقُوطِهِ بِعَفْوِهِ وَلَوْ عَلَى مَالٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ، وَكَذَا بِثُبُوتِ زِنَى الْمَقْذُوفِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ أَوْ بِلِعَانٍ، وَمَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْحَدِّ لِخُلُوِّهِ عَنْ مَفْسَدَةِ الْإِيذَاءِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ كَذِبٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(وَ) شَرْطُ (الْمَقْذُوفِ) لِيُحَدَّ قَاذِفُهُ (الْإِحْصَانُ) لِلْآيَةِ (وَسَبَقَ فِي اللِّعَانِ) بَيَانُ شُرُوطِهِ وَشُرُوطِ الْمَقْذُوفِ، نَعَمْ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِالْقَذْفِ، وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ الْمَأْمُورِ بِسَتْرِهَا، بِخِلَافِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ، كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ.

(وَلَوْ) (شَهِدَ) عِنْدَ قَاضٍ رِجَالٌ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ (دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًى) (حُدُّوا) حَدَّ الْقَذْفِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا بِزِنَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ، وَلِئَلَّا يَتَّخِذَ النَّاسُ الْوُقُوعَ فِي أَعْرَاضِ بَعْضِهِمْ ذَرِيعَةً بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ وَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ إنَّهُ لَمْ يَزْنِ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا لَمْ يُحَدُّوا، وَكَذَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ بِالزَّوْجِ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ بِزِنَاهَا، أَمَّا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ فَقَذَفَةٌ جَزْمًا، وَلَا يُحَدُّ شَاهِدٌ جُرِحَ بِزِنًى وَإِنْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ لِشُهُودِ الزِّنَى فَهَلْ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِمْ كَوْنُهُ مَصْلَحَةً مِنْ سَتْرٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ شُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ: شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ الْمَالُ) أَيْ عَلَى الْقَاذِفِ

(قَوْلُهُ: إلَّا عِقَابَ كَذِبٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَذَفَ بِهِ لَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ) ظَاهِرُهُ الْجَوَازُ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ

(قَوْلُهُ: بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ) أَيْ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَعْدَ حَدِّ الْقَاذِفِ لَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا فِي الْحَدِّ، بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَاذِفُ بِالْحَدِّ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَلَا عَلَى الْقَاضِي فَلْيُرَاجَعْ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ) أَيْ فِي الْمَقْذُوفِ، وَقَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: دُونَ أَرْبَعَةٍ)

[فَرْعٌ] فِي الْعُبَابِ وَالرَّوْضِ أَوْ أَرْبَعَةٌ: أَيْ أَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ وَإِنْ رُدُّوا لِفِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ وَيُحَدُّ قَاذِفُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: ذَرِيعَةً) أَيْ وَسِيلَةً اهـ مِصْبَاحٌ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا لَمْ يُحَدُّوا) أَيْ وَلَا يُحَدُّ هُوَ أَيْضًا لِمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إقْرَارٌ مِنْ أَنَّ الزِّنَى لَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ بِالزَّوْجِ) أَيْ فَيُحَدُّ هُوَ وَهَمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَيُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعُبَابِ مِنْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ إذَا شَهِدُوا لَا يُحَدُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَإِنْ رُدُّوا لِفِسْقِهِمْ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الزَّوْجَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَاوَتِهِ، وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يُحَدُّوا، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجِ وَاحِدًا مِنْ الشُّهُودِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الْعُبَابِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا، وَالزَّوْجُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ظَاهِرًا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانُوا بِصِفَةِ الشُّهُودِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ شَاهِدٌ جُرِحَ) وَذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَ فِي قَضِيَّةٍ فَادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَانٍ وَأَقَامَ مَنْ شَهِدَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَا حَدَّ عَلَى الشَّاهِدِ بِالزِّنَى لِمَا ذَكَرَهُ وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ لَا التَّعْيِيرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ لِزَوْجَةِ وَلَدِهِ وَلَدٌ إلَخْ.) أَيْ وَالْمَقْذُوفُ الزَّوْجَةُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ غُلِّبَ إلَخْ.) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ وَتَغْلِيبًا لِحَقِّهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: بَيَانُ شُرُوطِهِ وَشُرُوطِ الْمَقْذُوفِ) أَيْ شُرُوطِ الْمَقْذُوفِ صَرِيحًا وَشُرُوطِ الْإِحْصَانِ ضِمْنًا فَإِنَّ عِبَارَتَهُ هُنَاكَ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّ الَّذِي سَبَقَ إنَّمَا هُوَ شُرُوطُ الْمُحْصَنِ لَا الْإِحْصَانِ، لَكِنْ فِي جَعْلِهِ الْفَاعِلَ لَفْظُ بَيَانٍ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَتْنِ ضَمِيرُ الْإِحْصَانِ تَسَاهُلٌ

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا) أَيْ فِي دَفْعِ عَارِهَا عَنْهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ شَهِدُوا) يَعْنِي: مُطْلَقَ الشُّهُودِ، وَإِنْ كَثُرُوا لَا خُصُوصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>