للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ شَهَادَةٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَصْلَحَةِ بِحَالِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ لَا الشَّاهِدِ، وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ.

وَالثَّانِي لَا حَدَّ (وَكَذَا) لَوْ شَهِدَ (أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَ) أَرْبَعَةُ (عَبِيدٍ وَ) أَرْبَعَةُ (كَفَرَةٍ) أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْجَمِيعِ فَيُحَدُّونَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلشَّهَادَةِ فَتَمَحَّضَتْ شَهَادَتُهُمْ قَذْفًا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانُوا بِصِفَةِ الشُّهُودِ ظَاهِرًا وَإِلَّا لَمْ يُصْغَ إلَيْهِمْ فَهُمْ قَذَفَةٌ قَطْعًا، وَلَا تُقْبَلُ إعَادَتُهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ إذَا تَمُّوا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ كَفَاسِقٍ رُدَّ فَتَابَ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَرَةِ وَالْعَبِيدِ لِظُهُورِ نَقْصِهِمْ فَلَا تُهْمَةَ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي حَدِّهِمْ الْقَوْلَانِ تَنْزِيلًا لِنَقْصِ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ نَقْصِ الْعَدَدِ.

(وَلَوْ) (شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ) بِالزِّنَى (فَلَا حَدَّ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَقْرَرْت بِالزِّنَى قَاصِدًا بِهِ قَذْفَهُ وَتَعْيِيرَهُ بَلْ أَوْلَى.

(وَلَوْ) (تَقَاذَفَا فَلَيْسَ تَقَاصًّا) فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ عَلَى صَاحِبِهِ؛ إذْ شَرْطُ التَّقَاصِّ اتِّحَادُ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ الْحَدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ الْبَدَنَيْنِ غَالِبًا، نَعَمْ لِمَنْ سُبَّ سَبُّ سَابِّهِ بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا قَذْفَ كَيَا ظَالِمُ يَا أَحْمَقُ، لِخَبَرِ «زَيْنَبَ لَمَّا سَبَّتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَقَالَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبِّيهَا» ، وَلِأَنَّ أَحَدًا لَا يَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَتَجَاوَزَ لِنَحْوِ أَبِيهِ، وَبِانْتِصَارِهِ يُسْتَوْفَى حَقُّهُ وَيَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْإِثْمُ لِحَقِّهِ تَعَالَى.

(وَلَوْ) (اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ) لِلْحَدِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَاذِفِ (لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) فَإِنْ مَاتَ بِهِ قُتِلَ الْمَقْذُوفُ مَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْقَاذِفِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَمْ يُجْلَدْ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَلَمِ الْأَوَّلِ، نَعَمْ لِسَيِّدٍ قَذَفَهُ قِنُّهُ أَنْ يَحُدَّهُ، وَكَذَا لِمَقْذُوفٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ اسْتِيفَاؤُهُ إنْ أَمْكَنَهُ مَعَ رِعَايَةِ الْمَشْرُوعِ وَلَوْ بِالْيَدِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ إعَادَتُهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانُوا دُونَ أَرْبَعَةٍ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَرَةِ) أَيْ فَتُقْبَلُ مِنْهُمْ إذَا أَعَادُوهَا بَعْدَ كَمَالِهِمْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ إلَخْ) قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنَاهُ.

(قَوْلُهُ: مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَفَهُ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ جَوَابًا لِسَبِّهِ بِهِ لَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ، وَقَضِيَّةُ (قَوْلِهِ وَلِأَنَّ أَحَدًا لَا يَنْفَكُّ) إلَخْ خِلَافًا لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِصِدْقِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَذِبُ، بِخِلَافِ مَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ

(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا) أَيْ لِعَائِشَةَ

(قَوْلُهُ: وَبِانْتِصَارِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ بِسَبِّهِ صَاحِبَهُ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا (قَوْلُهُ لِحَقِّهِ تَعَالَى) أَيْ وَالْإِثْمُ الْمَذْكُورُ لِحَقِّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ وَاضِحٌ) أَيْ فَيَضْمَنُ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمَقْذُوفُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ

(قَوْلُهُ: أَنْ يَحُدَّهُ) سَكَتَ هُنَا عَمَّا يَلْزَمُ الْمَقْذُوفَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِمَقْذُوفٍ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّ مُسْتَحِقَّ التَّعْزِيرِ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ وَلَا نَوْعٌ يَسْتَوْفِيهِ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ، فَلَوْ جُوِّزَ لَهُ فِعْلُهُ فَرُبَّمَا تَجَاوَزَ فِي اسْتِيفَائِهِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لَوْ رُفِعَ لَهُ فَاحْفَظْهُ

(قَوْلُهُ: الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ) أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ السِّيَاسِيُّ فِي قُرَى الرِّيفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إذَا تَمُّوا) أَيْ بَعْدَ الرَّدِّ وَالْحَدِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: إذْ شَرْطُ التَّقَاصِّ) أَيْ حَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِهِ فِي غَيْرِ النُّقُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>