كَذَلِكَ أَبْنِيَةُ الْمَاشِيَةِ (حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ) لَهَا (وَحَافِظٌ) بِهَا (وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا وَزَمَنَ خَوْفٍ، فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الضَّعِيفَ كَالْعَدَمِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ الْأَعْظَمَ وُجِدَ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ، وَاشْتِرَاطُ الْحَافِظِ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَغِيثَ بِالْجِيرَانِ فَيَكْفِيَ الضَّعِيفُ لِذَلِكَ، نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْحِرْزِ بِمَا إذَا كَانَ السَّارِقُ يَنْدَفِعُ حِينَئِذٍ بِاسْتِغَاثَةِ الْجِيرَانِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي شَرْطِ الْمُلَاحِظِ (وَمَعَ فَتْحِهِ) أَيْ الْبَابِ (وَنَوْمِهِ) أَيْ الْحَافِظِ (غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلًا) بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ لِضَيَاعِهَا مَا لَمْ يَكُنْ النَّائِمُ بِالْبَابِ أَوْ بِقُرْبِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا بِالْأَوْلَى (وَكَذَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ، وَنَظَرُ الطَّارِقِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرُ مُفِيدٍ بِمُفْرَدِهِ فِي هَذَا، بِخِلَافِهِ فِي أَمْتِعَةٍ بِأَطْرَافِ الْحَوَانِيتِ لِوُقُوعِ نَظَرِهِمْ عَلَيْهَا دُونَ أَمْتِعَةِ الدَّارِ، أَمَّا زَمَنُ الْخَوْفِ فَغَيْرُ حِرْزٍ قَطْعًا كَمَا لَوْ كَانَ بَابُهَا فِي مُنْعَطَفٍ لَا يَمُرُّ بِهِ الْجِيرَانُ، وَأَمَّا هِيَ فِي نَفْسِهَا وَأَبْوَابُهَا الْمُغْلَقَةُ وَحِلَقُهَا الْمُثَبَّتَةُ وَنَحْوُ رُخَامِهَا وَسَقْفِهَا فَحِرْزٌ مُطْلَقًا.
وَالثَّانِي هِيَ حِرْزٌ زَمَنَ أَمْنٍ اعْتِمَادًا عَلَى مُرَاقَبَةِ الْجِيرَانِ وَنَظَرِهِمْ (وَكَذَا) تَكُونُ غَيْرَ حِرْزٍ أَيْضًا إذَا كَانَ بِهَا (يَقْظَانُ) لَكِنْ (تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ فِي الْأَصَحِّ) كَذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِانْتِفَاءِ مُرَاقَبَتِهِ مَعَ الْفَتْحِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَ فِي الْمُلَاحَظَةِ فَانْتَهَزَ السَّارِقُ الْفُرْصَةَ وَأَخَذَ قُطِعَ قَطْعًا، وَالثَّانِي يُنْفَى التَّقْصِيرُ عَنْهُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ.
(فَإِنْ) (خَلَتْ) الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ عَنْ حَافِظٍ بِهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا) وَأُلْحِقَ بِهِ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى انْقِطَاعِ الطَّارِقِ: أَيْ كَثْرَتِهِ عَادَةً كَمَا لَا يَخْفَى (زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ) أَيْ مَعَهُ مَا لَمْ يُوضَعْ مِفْتَاحُهُ بِشِقٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَهُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ) مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ فَتَحَ زَمَنَ نَهْبٍ أَوْ لَيْلٍ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ (فَلَا) تَكُونُ حِرْزًا، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ أَيْضًا وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُقَابِلٌ.
(وَخَيْمَةٌ بِصَحْرَاءَ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا وَتُرْخَى) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ لِجُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ، وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ إنَّهُ مَنْ يَتَّقِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَيَصْبِرْ بِالْجَزْمِ (أَذْيَالُهَا) بِأَنْ انْتَفَيَا مَعًا (فَهِيَ وَمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَيْسَتْ حِرْزًا نَفَى الْحُكْمَ عَنْ كُلٍّ أَيْ مِنْ الْأَمْرَيْنِ: فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالْإِغْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ حِرْزًا مَعَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْإِغْلَاقُ.
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِيَسْتَغِيثَ
(قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ لِذَلِكَ) أَيْ لِضَيَاعِهَا
(قَوْلُهُ: وَأَبْوَابُهَا الْمُغْلَقَةُ) أَيْ وَكَالدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَسَاجِدُ فَسُقُوفُهَا وَجُدْرَانُهَا مُحْرَزَةٌ فِي أَنْفُسِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى مُلَاحِظٍ
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُ رُخَامِهَا) أَيْ الْمُثَبَّتِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَفْرُوشًا بِأَرْضِهَا أَوْ كَانَ مُلْصَقًا بِجُدْرَانِهَا
(قَوْلُهُ: فَحِرْزٌ مُطْلَقًا) أَيْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُوضَعْ مِفْتَاحُهُ بِشَقٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ وَفَتَّشَ عَلَيْهِ السَّارِقُ وَأَخَذَهُ يُقْطَعُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ الْبَعِيدِ مَا لَوْ كَانَ الْمِفْتَاحُ مَعَ الْمَالِكِ مُحْرَزًا بِجَيْبِهِ مَثَلًا فَسَرَقَتْهُ زَوْجَتُهُ مَثَلًا وَتَوَصَّلَتْ بِهِ إلَى السَّرِقَةِ فَتُقْطَعُ.
(قَوْلُهُ وَخَيْمَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ بُيُوتُ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ بِبِلَادِنَا الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ: " يَصْبِرْ " مَجْزُومٌ فَأَثَّرَ الْعَامِلُ فِي لَفْظِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ يُرْخَى لَيْسَ مَجْزُومًا فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ بِمَا ذَكَرَهُ، نَعَمْ فِي قِرَاءَةِ قُنْبُلٍ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ إثْبَاتُ الْيَاءِ مَعَ وُجُودِ الْجَازِمِ وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا بِالْأَوْلَى) تَبِعَ فِيهِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِأَنَّهُ قَدَّمَ نَظِيرَهُ فِي الدَّارِ الْمُنْفَصِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِقُرْبِهِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا زَمَنُ الْخَوْفِ إلَخْ.) يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ حِكَايَةِ الثَّانِي الْآتِي (قَوْلُهُ: فَحِرْزٌ مُطْلَقًا) أَيْ فَلِحَاظُ الْجِيرَانِ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ مُطْلَقًا فَحِرْزٌ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حِرْزٌ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْطِفهُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ) غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ فِعْلٍ عَلَى فِعْلٍ لَا جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْجَزْمِ وَجْهٌ، وَاَلَّذِي فِي الْآيَةِ مُخَرَّجٌ عَلَى لُغَةٍ مَنْ يُثْبِتُ حَرْفَ الْعِلَّةِ مَعَ الْجَازِمِ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي دُرِّ التَّاجِ فِي إعْرَابِ الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ