حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَلَوْ) (حَدَّ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ وَلَوْ فِي نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَمَا مَرَّ (مُقَدَّرًا) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ الْحَدُّ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ.
وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِإِرَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) بِالْإِجْمَاعِ إذْ الْحَقُّ قَتْلُهُ
(وَلَوْ) (ضُرِبَ شَارِبٌ) لِلْخَمْرِ الْحَدَّ (بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَالثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ (وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا) ضُرِبَهَا فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِمَا مَرَّ بِتَقْدِيرِهِ بِذَلِكَ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهَا اجْتِهَادِيٌّ كَمَا مَرَّ (أَوْ) حُدَّ شَارِبٌ (أَكْثَرَ) مِنْ أَرْبَعِينَ بِنَحْوِ نَعْلٍ أَوْ سَوْطٍ (وَجَبَ قِسْطُهُ بِالْعَدَدِ) فَفِي أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَفِي ثَمَانِينَ نِصْفُهَا وَتِسْعِينَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهَا لِوُقُوعِ الضَّرْبِ بِظَاهِرِ الْبَدَنِ فَيَفُوتُ تَمَاثُلُهُ فَقَسَطَ الْعَدَدُ عَلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةٍ) لِمَوْتِهِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إنْ ضَرَبَهُ الزَّائِدَ وَبَقِيَ أَلَمُ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا ضَمِنَ دِيَتَهُ كُلَّهَا قَطْعًا.
لَا يُقَالُ الْجُزْءُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ لَمْ يَطْرَأْ إلَّا بَعْدَ ضَعْفِ الْبَدَنِ فَكَيْفَ يُسَاوِي الْأَوَّلَ، وَقَدْ صَادَفَ بَدَنًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ هَذَا تَفَاوُتٌ سَهْلٌ فَتَسَامَحُوا فِيهِ، وَبِأَنَّ الضَّعْفَ نَشَأَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْقَوْلَانِ (فِي) (قَاذِفٍ جُلِدَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ) سَوْطًا فَمَاتَ فَفِي الْأَظْهَرِ يَجِبُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةِ، وَكَذَا فِي بِكْرٍ جُلِدَ مِائَةً وَعَشْرًا
(وَلِمُسْتَقِلٍّ) بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَسَفِيهًا وَمُوصًى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ (قَطْعُ سِلْعَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ إزَالَةً لِشَيْنِهَا بِلَا ضَرَرٍ كَفَصْدٍ، وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي عُضْوُهُ الْمُتَأَكِّلُ (إلَّا مَخُوفَةً) مِنْ حَيْثُ قَطْعُهَا (لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا) أَصْلًا بَلْ فِي قَطْعِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَالْأَخَفِّ، وَلَا يَجُوزُ الْعِقَابُ بِالنَّارِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِخَلَاصِ الْحَقِّ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ مُقَدَّرٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ مَا زَادَ بِهِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ، وَقِيلَ حَدٌّ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ بِهَا لَمْ يُضْمَنْ
(قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَانِينَ نِصْفُهَا) هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَدَّ الثَّمَانِينَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَادُّ الْجَلَّادَ مَثَلًا بِإِذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ فِي حَدِّ الْأَرْبَعِينَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا زَادَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ دِيَتَهُ كُلَّهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الزَّائِدُ بَعْدَ زَوَالِ الْأَلَمِ الْأَوَّلِ كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى إحَالَةِ الْهَلَاكِ عَلَى الزَّائِدِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: وَمُوصًى بِإِعْتَاقِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ وَمَنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ النَّاشِرِيِّ خِلَافَهُ فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ قَالَ: لِأَنَّ كَسْبَهُ لِسَيِّدِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ إعْتَاقُهُ فِي الْبَيْعِ مِثْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِ فَيَفُوتُ الْكَسْبُ عَلَى السَّيِّدِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَوْرًا فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ تَفْوِيتِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ، نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَهُ سم فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِسَنَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْحِمِّصَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، لَكِنَّهَا مَكْسُورَةٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَمَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٌ فَلَمْ يَصْدُقْ الِاحْتِرَازُ عَنْ حَدِّ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ الثَّانِي لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ حَدٌّ فَيَقْتَضِي الضَّمَانَ لَوْ أَدَّتْهُ إرَادَتُهُ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَدٌّ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الضَّعْفَ) كَانَ يَنْبَغِي وَلِأَنَّ الضَّعْفَ فَكَأَنَّهُ قَدَّرَ لَفْظَ يُجَابُ لِقَرِينَةِ السِّيَاقِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ