الْمُصَنِّفِ تَخْيِيرُهُ: بَيْنَ رَمْيِ الْعَيْنِ وَقُرْبِهَا، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ غَيْرَ الْعَيْنِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ إصَابَتُهَا، وَأَنَّهُ إذَا أَصَابَ غَيْرَهَا الْبَعِيدَ لَا يُخْطِئُ مِنْهَا إلَيْهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا.
نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ قَصْدُهَا وَلَا مَا قَرُبَ مِنْهَا وَلَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ جَازَ رَمْيُ عُضْوٍ آخَرَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِالْخَفِيفِ اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فُقِدَ مُغِيثٌ سُنَّ لَهُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَبَى دَفَعَهُ وَلَوْ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ قَتَلَهُ (وَلَوْ عَزَّرَ) مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ (وَلِيٌّ) مَحْجُورَهُ وَأَلْحَقَ بِوَلِيِّهِ وَمَنْ حَلَّ لَهُ الضَّرْبُ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِمَّا يَأْتِي كَافِلُهُ كَأُمِّهِ (وَوَالٍ) مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ، وَلَمْ يُعَانِدْ (وَزَوْجٌ) زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لِنَحْوِ نُشُوزٍ (وَمُعَلِّمٌ) مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ حُرًّا بِمَا لَهُ دَخْلٌ فِي الْهَلَاكِ وَإِنْ نَدَرَ (فَمَضْمُونٌ) تَعْزِيرُهُمْ ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ أَدَّى إلَى هَلَاكٍ أَوْ نَحْوِهِ لِتَبَيُّنِ مُجَاوَزَتِهِ لِلْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَرَبَ دَابَّةً مُسْتَأْجِرُهَا أَوْ رَائِضُهَا إذَا اُعْتِيدَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَغْنِيَانِ عَنْهُ، وَالْآدَمِيُّ يُغْنِي عَنْهُ فِيهِ الْقَوْلُ، أَمَّا مَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَصَفْعَةٍ خَفِيفَةٍ وَحَبْسٍ أَوْ نَفْيٍ فَلَا ضَمَانَ بِهِ، وَأَمَّا قِنٌّ أَذِنَ سَيِّدُهُ لِمُعَلِّمِهِ أَوْ لِزَوْجِهَا فِي ضَرْبِهَا فَلَا ضَمَانَ بِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ كَامِلٌ بِمُوجِبِ تَعْزِيرٍ، وَطَلَبَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْوَالِي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَهُ وَقَدْرَهُ، إذْ الْإِذْنُ فِي الضَّرْبِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْقَتْلِ، وَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ فَإِذْنُ السَّيِّدِ الْمُطْلَقُ كَذَلِكَ، أَمَّا مُعَانِدٌ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَتَعَيَّنَ عِقَابُهُ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْمُسْتَحِقِّ لِحَقِّهِ، فَيَجُوزُ عِقَابُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاَللَّهِ) قَضِيَّةُ السُّنِّيَّةِ جَوَازُ دَفْعِهِ بِالسِّلَاحِ، وَإِنْ أَفَادَ الْإِنْشَادَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إفَادَتُهُ وَجَبَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْذَارِ حَيْثُ أَفَادَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرِزَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَسْرَفَ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْعَمْدِ لَا ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حَلَّ لَهُ الضَّرْبُ) عِبَارَةُ حَجّ فِي حِلِّ الضَّرْبِ وَمَا إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نُشُوزٍ) مِنْهُ الْبَذَاءَةُ عَلَى نَحْوِ الْجِيرَانِ وَالطَّلِّ مِنْ نَحْوِ طَاقَةٍ (قَوْلُهُ: وَمُعَلِّمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ كَانَ أَصْلَحَ مِنْ غَيْرِهِ فِي التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَعَ الطَّلَبَةِ فَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَأْدِيبُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعَلُّمِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَلِّمَ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ يَأْتِي صَاحِبُ الْحَقِّ لِلشَّيْخِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ الْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ، فَإِذَا طَلَبَ الشَّيْخُ مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ وَلَا تَأْدِيبُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ، وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا هَؤُلَاءِ الْمُسَمُّونَ بِمَشَايِخِ الْفُقَرَاءِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَعَدٍّ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ تَوْفِيَةِ حَقٍّ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ عَزَّرَهُ الشَّيْخُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ حُرًّا) أَيْ الْمُتَعَلِّمُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ التَّعْزِيرُ لِلْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ إذَا كَانَ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ آخِرَ فَصْلِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَيَّدَهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ كَامِلٌ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا قِنٌّ إلَخْ فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ رَاجِعًا لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ عِقَابُهُ) أَيْ بِأَنْوَاعِ الْعِقَابِ لَكِنْ مَعَ رِعَايَةِ الْأَخَفِّ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) كَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ الْآتِي ضَمَانُ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَيْ أَمَّا إذَا أَسْرَفَ فَإِنَّهُ يُقَادُ بِهِ غَيْرُ الْأَصْلِ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ قُصُورٌ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ كَإِذْنِ الْحُرِّ فِي ضَرْبِ نَفْسِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا شُرِطَ فِيهِ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، فَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ أَيْضًا إذَا عَيَّنَ لَهُ النَّوْعَ وَالْقَدْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، بَلْ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْحُرِّ إنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْعَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute