«لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنِك فَفَقَأْت عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ حَرَجٍ» وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْمُرَاهِقِ إذْ الرَّمْيُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ فِي النَّظَرِ كَالْبَالِغِ، وَمِنْ ثَمَّ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ هُنَا، وَفَارَقَ مَنْ لَهُ نَحْوَ مَحْرَمٍ بِأَنَّ هَذَا شُبْهَتُهُ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْظُورِ إلَيْهِ، وَالْمُرَاهِقُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِدَلِيلِ دَفْعِ صَبِيٍّ صَائِلٍ لَكِنَّهُ هُنَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُرَاهِقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُ (بِشَرْطِ عَدَمِ) نَحْوِ مَتَاعٍ لَهُ أَوْ (مَحْرَمٍ) سَتْرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (وَزَوْجَةٍ) وَأَمَةٍ وَلَوْ مُجَرَّدَتَيْنِ (لِلنَّاظِرِ) وَإِلَّا امْتَنَعَ رَمْيُهُ لِعُذْرِهِ حِينَئِذٍ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قِيلَ وَ) بِشَرْطِ عَدَمِ (اسْتِتَارِ الْحُرَمِ) وَإِلَّا بِأَنْ اسْتَتَرْنَ أَوْ كُنَّ فِي مُنْعَطَفٍ لَا يَرَاهُنَّ النَّاظِرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَحَسْمًا لِمَادَّةِ النَّظَرِ.
(قِيلَ وَ) بِشَرْطِ (إنْذَارٍ قَبْلَ رَمْيِهِ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ كَمَا مَرَّ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إنْذَارٍ لَا يُفِيدُ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرُوهُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ تَعَيُّنِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، وَخَرَجَ بِنَظَرِ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ وَمُسْتَرِقِ السَّمْعِ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُمَا لِفَوَاتِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ الَّذِي يَعْظُمُ ضَرَرُهُ وَبِالْكُوَّةِ وَمَا مَعَهَا النَّظَرُ مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ كُوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ وَاسِعٍ بِأَنْ نُسِبَ صَاحِبُهَا إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ تَفْرِيطَهُ بِذَلِكَ صَيَّرَهُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرَّمْيُ قَبْلَ الْإِنْذَارِ، نَعَمْ النَّظَرُ مِنْ نَحْوِ سَطْحٍ وَلَوْ لِلنَّاظِرِ أَوْ مَنَارَةٍ كَهُوَ مِنْ كُوَّةٍ ضَيِّقَةٍ إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْ رَبِّ الدَّارِ وَبِعَمْدِ النَّظَرِ خَطَأً أَوْ اتِّفَاقًا فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ إنْ عَلِمَ الرَّامِي ذَلِكَ مِنْهُ، نَعَمْ يُصَدَّقُ الرَّامِي فِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ إذْ الِاطِّلَاعُ حَصَلَ وَالْقَصْدُ أَمْرٌ بَاطِنٌ، وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ رَمْيِهِ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَبِالْخَفِيفِ الثَّقِيلِ الَّذِي وُجِدَ غَيْرُهُ كَحَجَرٍ وَنُشَّابٍ فَيَضْمَنُ حَتَّى بِالْقَوَدِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ النَّاظِرُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُعَارٍ أَوْ مَغْصُوبٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْمُرَاهِقِ) هَذَا دَفْعٌ لِمَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمُرَاهِقًا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ هُنَا) وَمَحَلُّ جَوَازِ الرَّمْيِ إذَا لَمْ يَفْدِ الْإِنْذَارَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ الرَّامِي إفَادَةَ الْإِنْذَارِ، وَلَمْ يُنْذِرْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اهـ وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِهِ الْآتِي وَهَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَتَاعٍ لَهُ) أَيْ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ) ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِنَظَرِ الْأَعْمَى) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ عَمَاهُ شَرْحُ رَوْضٍ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِنَظَرِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَضَعِيفِ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ) وَلَوْ بِفِعْلِ النَّاظِرِ إنْ تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ، وَلَمْ يُغَلِّقْهُ ضَمِنَ بِرَمْيِهِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْ بِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ بِعَدَمِ إغْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاتِحُ لِلْبَابِ هُوَ النَّاظِرُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ جَازَ الرَّمْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ ثَقْبٍ) وَمِنْهُ الطَّاقَاتُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ وَالشَّبَابِيكُ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الرَّامِي) أَيْ بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ رَمْيِهِ) مُعْتَمَدٌ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَبِي الزَّوْجَةِ وَأَخِيهَا (قَوْلُهُ: النَّاظِرَ) هُوَ بِالنَّصْبِ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي الْمَتْنِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ ذُو الْحَرَمِ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ التَّفْسِيرِ بِأَيِّ وَإِنْ حَصَلَ الْفَصْلُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَيْ ذُو الْحَرَمِ النَّاظِرَ: أَيْ رَمْي ذُو الْحَرَمِ النَّاظِرَ، وَقَوْلُهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّاظِرِ: أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ نَظَرُهُ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ نَظَرَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِنْ شَارِعٍ: أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ فِي حَالِ نَظَرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِرَمَاهُ تَقْيِيدٌ، وَخَرَجَ بِهِ مَا عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا إنْ وَلَّى (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) الصَّوَابُ أَنَّهَا بِحَالِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَمُ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ الْقَصْدُ عَدَمَ أَحَدِهِمَا وَإِنْ وُجِدَ الْآخَرُ لِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِنْذَارِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute