كَالظَّالِمِ إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَزَعَمَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَكِّ وَالضَّرْبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْفَكُّ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَيِّرْ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، بَلْ أَوْجَبَ الْأَسْهَلَ مِنْهُمَا وَهُوَ الْفَكُّ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي إمْكَانِ الدَّفْعِ بِأَيْسَرَ مِمَّا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الْمَعْضُوضُ بِيَمِينِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ صَائِلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الصِّيَالِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ نَحْوِ الْقَاتِلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَدُخُولِهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ مَسْلُولًا أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى حُرَمِهِ
(وَمَنْ) (نُظِرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (إلَى) وَاحِدَةٍ مِنْ (حُرَمِهِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَهَاءٍ أَيْ زَوْجَاتِهِ وَإِمَائِهِ وَمَحَارِمِهِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ، وَكَذَا إلَيْهِ فِي حَالِ كَشْفِ عَوْرَتِهِ، وَمِثْلُهُ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ مَكْشُوفُهَا (فِي دَارِهِ) الَّتِي يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَوْ مُسْتَعَارَةً، وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ الْمُعِيرُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ دُونَ مَسْجِدٍ وَشَارِعٍ (مِنْ كُوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ضَيِّقَيْنِ (عَمْدًا) وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ شُبْهَةٌ فِي النَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً وَمُرَاهِقًا فَلَهُ رَمْيُهُ، فَإِنْ نَظَرَ لِخِطْبَةٍ أَوْ شِرَاءِ أَمَةٍ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ أَحَدَ أُصُولِهِ وَإِنْ حَرُمَ نَظَرُهُ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ.
(فَرَمَاهُ) أَيْ ذُو الْحُرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الدَّارِ أَوْ رَمَتْهُ الْمَنْظُورُ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَ الْأَوَّلَ الْبُلْقِينِيُّ وَالثَّانِيَ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ النَّاظِرِ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِنْ شَارِعٍ فِي حَالِ نَظَرِهِ لَا إنْ وَلَّى (بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ) أَوْ ثَقِيلٍ وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهُ (فَأَعْمَاهُ أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ) مِمَّا يُخْطِئُ مِنْهُ إلَيْهِ غَالِبًا، وَلَمْ يَقْصِدْ الرَّمْيَ لِذَلِكَ الْمَحِلِّ ابْتِدَاءً (فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ» وَصَحَّ خَبَرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَعَدَّى عَلَيْهِ آخَرُ، وَأَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْعَضِّ (قَوْلُهُ: كَالظَّالِمِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَضُّ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: مِنْ كُوَّةٍ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ لُغَةً اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ النَّظَرَ لِنَحْوِ الْخِطْبَةِ أَوْ أَنَّهُ تَعَدَّى صُدِّقَ الرَّامِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِطْبَةِ وَنَحْوِهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مَعَ أَبِيهَا أَوْ نَحْوِهِ بَلَغَ الْأَبُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يُصَدَّقُ الرَّامِي أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ) أَوْ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ (قَوْلُهُ: فَرَمَاهُ) أَيْ فِي حَالِ نَظَرِهِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ لَا إنْ وَلَّى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ ذُو الْحَرَمِ: أَيْ وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ هُنَا مَعَ أَنَّ الرَّمْيَ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَصُولِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ النَّظَرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي خُصُوصِ الرَّمْيِ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الرَّمْيَ مُبَاحًا لِصَاحِبِ الْحَرَمِ، وَإِنْ أَمْكَنَ مَنْعُهُ بِهَرَبِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ هُنَا لَا يَرْمِي بِخِلَافِهِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: النَّاظِرِ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ النَّاظِرِ لِلصَّائِلِ حَالَةَ كَوْنِ النَّاظِرِ فِي مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ، وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ النَّاظِرِ مِنْ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فَهَدَرٌ) أَيْ سَوَاءٌ
[حاشية الرشيدي]
وَكَانَ يُمْكِنُ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْمَعْنَى فَكُّ اللَّحْيَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْفَكُّ الْأَسْفَلُ عَنْ الْفَكِّ الْأَعْلَى: أَيْ رَفْعُهُمَا عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الدَّفْعِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بَعْضُ الْمَظْلُومِ الْمَمْنُوعِ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الدَّفْعِ بِأَنْ تَأْتِيَ الدَّفْعَ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ هَذَا عَنْ صَاحِبِ الِاقْتِصَارِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ
(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمِثْلُ وَلَدِهِ هُوَ نَفْسُهُ لَوْ كَانَ أَمْرَدَ حَسَنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً) أَيْ وَكَانَتْ تَنْظُرُ لِرَجُلٍ مُطْلَقًا أَوْ لِامْرَأَةٍ مُتَجَرِّدَةٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الدَّارِ) أَيْ وَهُوَ ذُو حُرْمَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute