للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ ظُلْمًا وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ صِيَانَةً لِلنُّفُوسِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ قَادِرٌ فِي دَفْعِ ضَرَرٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِامْتِنَاعُ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَادِرٌ آخَرُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ، بِخِلَافِ الْمُفْتَى لَهُ الِامْتِنَاعُ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهِ، فَالتَّوَاكُلُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا بِخِلَافِ الْمَالِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِدَفْعِ ضَرَرٍ مِنْ ذِكْرِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَمْ الْكِفَايَةُ؛ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا، فَيَجِبُ فِي الْكِسْوَةِ مَا يَسْتُرُ كُلَّ الْبَدَنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ، وَيَلْحَقُ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ بَذْلُ طَعَامِهِ لِمُضْطَرٍّ إلَّا بِبَدَلِهِ لِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ غِنًى يُلْزِمُهُ الْمُوَاسَاةُ، وَمِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فَكُّ أَسْرَاهُمْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْهُدْنَةِ، وَعِمَارَةُ نَحْوِ سُورِ الْبَلَدِ وَكِفَايَةُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ، وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ خَصَّ بِهِ الْوَالِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ

(وَتُحْمَلُ الشَّهَادَةُ) عَلَى أَهْلٍ لَهُ وَحَضَرَ لَهُ الْمُحَمَّلُ أَوْ دَعَاهُ قَاضٍ أَوْ مَعْذُورُ جُمُعَةٍ (وَأَدَائِهَا) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ، وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا يَأْتِي (وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ) كَتِجَارَةٍ وَحِجَامَةٍ لِتُوقِفَ قِيَامَ الدِّينِ عَلَى قِيَامِ الدُّنْيَا، وَقِيَامُهَا عَلَى ذَيْنِكَ وَتَغَايُرُهُمَا الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ، عَلَى خِلَافِ مَا فِي الصِّحَاحِ يَكْفِي فِيهِ أَنَّ الْحِرْفَةَ أَعَمُّ عُرْفًا؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ مَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا وَغَيْرَهُ، كَأَنْ يَتَّخِذَ صُنَّاعًا يَعْمَلُونَ عِنْدَهُ، وَالصَّنْعَةُ تَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ (وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ تَيْنِكَ وَلَا يَحْتَاجُ لِأَمْرِ النَّاسِ بِهَا لِكَوْنِهِمْ جُبِلُوا عَلَى الْقِيَامِ بِهَا لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى تَرْكِهَا أَثِمُوا وَقُتِلُوا

(وَجَوَابُ سَلَامٍ) مَنْدُوبٌ وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ وَلَوْ مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي كِتَابٍ، وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا، وَيُنْدَبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ وَالْبَدَاءَةُ بِهِ فَيَقُولُ وَعَلَيْكَ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُتَحَلِّلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْكَفَّارَةِ كِفَايَةُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا.

(قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا) أَيْ وَيُرْجَعُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ كَالشِّبَعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ) أَيْ لَا مِنْ كَوْنِهِ فَقِيهًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا) أَيْ الْبَلَدِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجُنْدُ الْآنَ مِنْ الْجَوَامِكِ يَسْتَحِقُّونَهُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي إظْهَارِ شَوْكَتِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَأْخُذُهُ أُمَرَاؤُهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالْمَمَالِيكِ الَّتِي لَا يَتِمُّ نِظَامُهُمْ وَشَوْكَتُهُمْ إلَّا بِهَا لِقِيَامِهِمْ بِحِفْظِ حَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلٍ) أَيْ عَدْلٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ) أَيْ وَهُوَ اثْنَانِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) ع: فِي الْحَدِيثِ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» فَسَّرَهُ الْحَلِيمِيُّ بِاخْتِلَافِ هِمَمِهِمْ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، وَنَفَى الْإِمَامُ وُجُوبَ هَذَا اسْتِغْنَاءً بِالطَّبْعِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ) أَيْ كَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ كَمَا يَأْتِي.

[فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إذَا قُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَوْ سَلَّمْتَ عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ فَقُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَأَحْضِرْ فِي قَلْبِكَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَمَيِّتٍ وَحَيٍّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ يَرُدُّ عَلَيْكَ فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا رُوحٌ مُطَهَّرٌ يَبْلُغُهُ سَلَامُكَ إلَّا وَيَرُدُّ عَلَيْكَ، وَهُوَ دُعَاءٌ فَيُسْتَجَابُ فِيك فَتُفْلِحُ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ سَلَامُك مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُهِيمُ فِي جَلَالِهِ الْمُشْتَغِلُ بِهِ، فَأَنْتَ قَدْ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ بِهَذَا الشُّمُولِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْك، وَكَفَى بِهَذَا شَرَفًا لَك حَيْثُ يُسَلِّمُ عَلَيْك الْحَقُّ فَلَيْتَهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ مِمَّنْ سَلَّمْت عَلَيْهِ حَتَّى يَنُوبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ الْكُلِّ فِي الرَّدِّ عَلَيْك اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّلَامُ قَبْلَ السُّؤَالِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسَلَامِ أَوْ صِفَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزٍ) لَيْسَ بِهِ سُكْرٌ وَلَا جُنُونٌ كَمَا يَأْتِي، وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْفَاسِقَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلَهُ الْمَارَّ لَمْ يَجِبْ

(قَوْلُهُ وَحَضَرَ لَهُ الْمُحَمِّلُ) أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ

(قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) أَيْ صَبِيٍّ، أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>