للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالتَّجْسِيسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَإِخْبَارِ ثِقَةٍ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّجْسِيسُ إنْ فَاتَ تَدَارُكُهَا كَقَتْلٍ وَزِنًا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَوَقَّفَ الْإِنْكَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَجِبْ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ جَازَ، وَشَرْطُ وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ بَلْ وَعِرْضِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ مَفْسَدَةً أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ، وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ، وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إلَى التَّهْلُكَةِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ كَمُكْرَهٍ عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ غَيْرِ زِنًا وَقَتْلٍ، وَلَوْ فِعْلَ مُكَفِّرٍ بَلْ الصَّبْرُ عَلَى مَا أُكْرِهَ بِهِ وَعَلَى قَتْلٍ لُزُومًا فَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ، وَأَمِنَ أَيْضًا أَنَّ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِ لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا، وَلَا يَزِيدُ عِنَادًا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَا هُوَ أَفْحَشُ وَسَوَاءٌ فِي لُزُومِ الْإِنْكَارِ أَظَنَّ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَمْتَثِلُ أَمْ لَا

(وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرَ وَلَا الصَّلَاةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ عَنْ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُمَا الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَفِي الْأَوَّلِ إحْيَاءُ تِلْكَ الْمَشَاعِرِ، الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ، وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ، وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ.

(وَدَفْعُ ضَرَرِ) الْمَعْصُومِ مِنْ (الْمُسْلِمِينَ) وَأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْقَادِرِينَ وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُمْ وَلِمُمَوَّنِهِمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (كَكِسْوَةِ عَارٍ) مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ أَوْ يَقِي بَدَنَهُ مِمَّا يَضُرُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ مِثَالٌ (وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ) ذَلِكَ الضَّرَرُ (بِزَكَاةٍ وَ) سَهْمِ الْمَصَالِحِ مِنْ (بَيْتِ الْمَالِ) لِعَدَمِ شَيْءٍ فِيهِ أَوْ لِمَنْعِ مُتَوَلِّيهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَالتَّجْسِيسُ) الْأَوْلَى التَّجَسُّسُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: جَسَّ الْأَخْبَارَ وَتَجَسَّسَهَا: تَتَبَّعَهَا (قَوْلُهُ: وَاقْتِحَامُ الدُّورِ) أَيْ دُخُولُهَا لِلْبَحْثِ عَمَّا فِيهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ قَحَمَ الْأَمْرَ: رَمَى بِنَفْسِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَبَابُهُ خَضَعَ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ) أَيْ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ) شَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ يُغْرِيهِ الْإِنْكَارُ بِخِلَافِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُشْتَرَطُ فِي إنْكَارِهِ ذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ كَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ) أَيْ مَعَ خَوْفِ الْمَفْسَدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ مَنْ طَلَبَ شَهَادَةً، وَعَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَعْظَمُ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ حُرِّمَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ) مَفْهُومُهُ إخْرَاجُ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفِينَ، وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ هُنَا وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ اهـ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِيَامِ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ

(قَوْلُهُ: وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ) أَيْ وَعَلَى وَفَاءِ دُيُونِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفَقِيهُ مِنْ الْكُتُبِ وَالْمُحْتَرِفِ مِنْ الْآلَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَلِمُمَوَّنِهِمْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِمُمَوَّنِهِ جَمِيعَ السَّنَةِ، بَلْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَحْوُ وَظَائِفَ يَتَحَصَّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ عَادَةً جَمِيعَ السَّنَةِ، وَيَتَحَصَّلُ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مَا يُمْكِنُ الْمُوَاسَاةُ بِهِ، وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِالْمُنْكَرِ بِآثَارٍ وَأَمَارَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَفُوتُ تَدَارُكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ جَازَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَهُ أَيْ ابْنِ الْقُشَيْرِيِّ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ انْتَهَتْ. وَهِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>