للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ خَيَّرَ الْإِمَامَ فِيهِ بَيْنَ قِسْمَتِهِ وَتَرْكِهِ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَوَقْفِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَحُجَّتُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ

(وَلَوْ كَانَ) (فِيهَا كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ) لِصَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ (وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْخُمُسِ (وَلَمْ يُنَازَعْ) فِيهِ (أُعْطِيَهُ) إذْ لَا ضَرَر فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نُوزِعَ فِيهِ (قُسِّمَتْ) عَدَدًا (إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهَا عَدَدًا (أَقُرِعَ) بَيْنَهُمْ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ.

أَمَّا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ فَلَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا عَدَدًا مُشْكِلٌ بِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَيُنْظَرُ إلَى مَنَافِعِهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا.

أُجِيبُ عَنْهُ بِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ حَقَّ الْمُشَارِكِينَ ثَمَّ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ بَقِيَّةِ الْمُوصَى لَهُمْ آكَدُ مِنْ حَقِّ بَقِيَّةِ الْغَانِمِينَ هُنَا فَسُومِحَ هُنَا بِمَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ ثَمَّ.

(وَالصَّحِيحُ أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ) مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ، إذْ السَّوَادُ أَزْيَدُ مِنْ الْعِرَاقِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا؛ لِأَنَّ مِسَاحَةَ الْعِرَاقِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا فِي عَرْضِ مِائَتَيْنِ، وَالسَّوَادُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فِي ذَلِكَ الْعَرْضِ، وَجُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ بِالتَّكْسِيرِ عَشَرَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ، سُمِّيَ سَوَادًا لِكَثْرَةِ زَرْعِهِ وَشَجَرِهِ، وَالْخُضْرَةُ تُرَى مِنْ بُعْدٍ سَوْدَاءَ، وَعِرَاقًا لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ وَخُلُوِّهَا عَنْ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ، إذْ أَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ (فُتِحَ) فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: أَيْ قَهْرًا لِمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَسَّمَهُ فِي جُمْلَةِ الْغَنَائِمِ، وَلَوْ كَانَ صُلْحًا لَمْ؛ يُقَسِّمْهُ (وَقَسَّمَ) بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَرَّرَ (ثَمَّ) بَعْدَ مِلْكِهِمْ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَاسْتِمَالَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُلُوبَهُمْ (بَذَلُوهُ) لَهُ: أَيْ الْغَانِمُونَ وَذَوُو الْقُرْبَى، وَأَمَّا أَهْلُ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ الْأَرْبَعَةِ فَالْإِمَامُ لَا يَحْتَاجُ فِي وَقْفِ حَقِّهِمْ إلَى بَذْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِأَهْلِهِ (وَوَقَفَ) مَا سِوَى مَسَاكِنِهِ وَأَبْنِيَتِهِ: أَيْ وَقَفَهُ عُمَرُ (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) وَآجَرَهُ لِأَهْلِهِ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ كُلَّ سَنَةٍ، فَجَرِيبُ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ وَالْبُرِّ أَرْبَعَةٌ وَالشَّجَرُ وَقَصَبُ السُّكَّرِ سِتَّةٌ وَالنَّخْلُ ثَمَانِيَةٌ وَالْعِنَبُ عَشَرَةٌ وَالزَّيْتُونُ اثْنَا عَشَرَ، وَجُمْلَةُ مَسَّاحَةِ الْجَرِيبِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى وَقْفِهِ خَوْفُ اشْتِغَالِ الْغَانِمِينَ بِفِلَاحَتِهِ عَنْ الْجِهَادِ (وَخَرَاجُهُ) زَرْعًا أَوْ غَرْسًا (أُجْرَةٌ) مُنَجَّمَةٌ (تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ) مَثَلًا (لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ، فَعَلَى هَذَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّا عَدَا أَبْنِيَتَهُ وَمَسَاكِنَهُ، (وَهُوَ) أَيْ السَّوَادُ (مِنْ) أَوَّلِ (عَبَّادَانِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ (إلَى) آخِرِ (حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِمَا (طُولًا وَمِنْ) أَوَّلِ (الْقَادِسِيَّةِ إلَى) آخِرِ (حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ (عَرْضًا) بِإِجْمَاعِ الْمُؤَرِّخِينَ (قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ) أَيْ بِخَرَاجٍ يَضْرِبُهُ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ: أُعْطِيَهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا

(قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السَّوَادَ لَا يَصْدُقُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَلَا يَكُونُ جِنْسًا؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ صِدْقُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ إضَافَةِ الْكُلِّ إلَى بَعْضِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى بَعْضِهِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: فِي عَرْضِ مِائَتَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ ثَمَانِينَ، وَبِهَا عَبَّرَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلَعَلَّهَا الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ الْعَرْضُ أَقْصَرُ الِامْتِدَادَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ أَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَأَبْنِيَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ فِي الْبِنَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَرِيبٌ) أَيْ فَدَّانٌ (قَوْلُهُ: وَالشَّجَرُ) أَيْ مَا عَدَا النَّخْلَ وَالْعِنَبَ وَالزَّيْتُونَ، وَانْظُرْ حِكْمَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَخْ عَنْ هَذَا

(قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ) الْأَصْوَبُ مِنْ إضَافَةِ الْكُلِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَجُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ سَوَادٍ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ آلَافٍ هِيَ جُمْلَةُ الْعِرَاقِ بِالضَّرْبِ. أَمَّا جُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَثَمَانُمِائَةٍ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَجَرِيبُ الشَّعِيرِ إلَخْ) الْجَرِيبُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي قُرَى مِصْرَ بِالْفَدَّانِ وَهُوَ عَشْرُ قَصَبَاتٍ كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِالْهَاشِمِيَّةِ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتٍ كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَالْجَرِيبُ مِسَاحَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا بِالْهَاشِمِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>