ذَكَرًا أُخِذَ مِنْهُ عَمَّا مَضَى، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنَّ صُورَةَ مَا هُنَا فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ حَالَ خُنُوثَتِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَهُوَ مُبَعَّضٌ لِنَقْصِهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ بِسَبَبِهِ وَخَبَرُ «لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ» لَا أَصْلَ لَهُ (وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا (فَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ قَلِيلًا كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ) وَنَحْوِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةٍ (لَزِمَتْهُ) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُ الْجُنُونِ فِي السَّنَةِ لَوْ لُفِّقَتْ لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ غَالِبًا، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ (أَوْ) تَقَطَّعَ (كَثِيرًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ فَالْأَصَحُّ تَلْفِيقُ الْإِفَاقَةِ) إنْ أَمْكَنَ (فَإِنْ) (بَلَغَتْ) أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ (سَنَةً وَجَبَتْ) الْجِزْيَةُ لِسُكْنَاهُ سَنَةً بِدَارِنَا وَهُوَ كَامِلٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ الْمُتَّجِهُ، وَكَذَا لَوْ قَلَّتْ بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ مَجْمُوعُهَا بِأُجْرَةٍ، وَطُرُوُّ جُنُونٍ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ كَطُرُوِّ مَوْتٍ أَثْنَاءَهُ.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ. وَالثَّالِثُ يَجِبُ كَالْعَاقِلِ.
وَالرَّابِعُ يُحْكَمُ بِمُوجَبِ الْأَغْلَبِ، فَإِنْ اسْتَوَى الزَّمَانَانِ وَجَبَتْ
(وَلَوْ) (بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ) أَوْ أَفَاقَ أَوْ عَتَقَ قِنٌّ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ (وَلَمْ يَبْذُلْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ يُعْطِ (جِزْيَةً) (أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) وَلَا يُغْتَالُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ أَبِيهِ أَوْ سَيِّدِهِ تَبَعًا (فَإِنْ بَذَلَهَا) وَلَوْ سَفِيهًا (عُقِدَ لَهُ) عَقْدُ جِزْيَةٍ لِاسْتِغْلَالِهِ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) وَيُكْتَفَى بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَبِعَهُ فِي أَصْلِ الْأَمَان تَبِعَهُ فِي أَصْلِ الذِّمَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِمْ مُدَّةٌ بِلَا عَقْدٍ لَزِمَتْهُمْ أُجْرَةُ مِثْلِ سُكْنَاهُمْ بِدَارِنَا، إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهَا هُنَا أَقَلُّ الْجِزْيَةِ
(وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى) (زَمِنٍ وَشَيْخٍ وَهَرِمٍ) لَا أَرَى لَهُمَا (وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ) لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَلَمْ يُفَارِقْ الْمَعْذُورُ فِيهَا غَيْرَهُ.
أَمَّا مَنْ لَهُ رَأْيٌ فَتَلْزَمُهُ جَزْمًا (وَفَقِيرٍ عَجَزَ عَنْ كَسْبٍ) أَصْلًا أَوْ يَفْضُلُ بِهِ عَنْ مُؤْنَتِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ آخِرَ الْحَوْلِ مَا يَدْفَعُهُ فِيهَا، وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْهُ عَمَّا مَضَى) هَلْ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَدْفَعْ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ يَقَعُ جِزْيَةً.
هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ الْأَوَّلَ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُعْطِي هِبَةً لَا عَنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: حَالَ خُنُوثَتِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْقَدْ لَهُ، وَمَضَى عَلَيْهِ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ شَيْءٍ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ كَالْحَرْبِيِّ إذَا أَقَامَ بِدَارِنَا بِلَا عَقْدٍ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (قَوْلُهُ لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْعَبْدِ، وَيُسْتَدَلُّ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِنَقْصِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغَتْ أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَهُوَ صَادِقٌ بِسِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ (قَوْلُهُ: أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ) أَيْ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَطُرُوُّ جُنُونٍ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ) أَيْ مُتَّصِلٌ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا فَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنْ تُلَفَّقَ الْإِفَاقَةُ وَيُكَمَّلُ مِنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ سَنَةً اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَوْتٍ أَثْنَاءَهُ) أَيْ فَيَجِبُ اللَّقْطُ كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ قِنٌّ ذِمِّيٌّ) وَفِي نُسْخَةٍ قِنُّهُ بِالضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلذِّمِّيِّ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ إنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ أُقِرَّ، وَإِلَّا بَلَغَ الْمَأْمَنَ، وَلَا يُنَافِي تَبْلِيغُهُ الْمَأْمَنَ مِنْ أَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ لَا يُرَقُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ الْإِرْقَاقُ (قَوْلُهُ: عَقْدَ جِزْيَةٍ) نُسْخَةُ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ عَقْدِ أَبِيهِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلتَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ: لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِمْ مُدَّةٌ بِلَا عَقْدٍ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ» لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فَلَمْ يُسْتَدَلَّ بِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهَا إذْ يُتَسَامَحُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَالْيَوْمُ وَنَحْوُهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) لَعَلَّهُ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَوْقَاتُهُ مُنْضَبِطَةً
(قَوْلُهُ أَيْ يُعْطَ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الْبَذْلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لُغَةً، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ هُنَا الِانْقِيَادُ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ أَوْ يُفَضَّلُ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَكَانَ