بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَهُوَ تَغْيِيرُ اللِّبَاسِ كَأَنْ يَخِيطَ فَوْقَ أَعْلَى ثِيَابِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ الْآتِي بِمَوْضِعٍ لَا يَعْتَادُ الْخِيَاطَةَ عَلَيْهِ كَالْكَتِفِ بِمَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهَا وَيَكْفِي عَنْهُ نَحْوُ مِنْدِيلٍ مَعَهُ كَمَا قَالَاهُ وَالْعِمَامَةُ الْمُعْتَادَةُ لَهُمْ الْآنَ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِ الْأَصْفَرُ وَبِالنَّصَارَى الْأَزْرَقُ وَبِالْمَجُوسِ الْأَسْوَدُ وَبِالسَّامِرِيِّ الْأَحْمَرُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلٍّ بَعْدَ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا يَرِدُ كَوْنُ الْأَصْفَرِ كَانَ زِيَّ الْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَمَا حُكِيَ وَالْمَلَائِكَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا آثَرُوهُمْ بِهِ لِغَلَبَةِ الصُّفْرَةِ فِي أَلْوَانِهِمْ النَّاشِئَةِ عَنْ زِيَادَةِ فَسَادِ قُلُوبِهِمْ، وَلَوْ أَرَادُوا التَّمَيُّزَ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُنِعُوا خَشْيَةَ الِالْتِبَاسِ، وَقَدْ اُعْتِيدَ فِي هَذَا الزَّمَنِ بَدَلُ الْعَمَائِمِ الْقَلَانِسُ لِلنَّصَارَى وَالطَّرَاطِيرُ الْحُمْرُ لِلْيَهُودِ، وَتُؤْمَرُ ذِمِّيَّةٌ خَرَجَتْ بِتَخَالُفِ لَوْنِ خُفَّيْهَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَالزُّنَّارُ) بِضَمِّ الزَّايِ (فَوْقَ الثِّيَابِ) وَهُوَ خَيْطٌ غَلِيظٌ فِيهِ أَلْوَانٌ يُشَدُّ بِالْوَسَطِ، نَعَمْ تَشُدُّهُ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى تَحْتَ إزَارٍ بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَعْضُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ تَجْعَلُهُ فَوْقَهُ مُبَالَغَةً فِي التَّمَيُّزِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِمَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ فِي الْعَادَةِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فِيهِ زِيَادَةُ إزْرَائِهَا فَلَا تُؤْمَرُ بِهِ، وَيُمْتَنَعُ إبْدَالُهُ بِنَحْوِ مِنْدِيلٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ وَمُبَالَغَةٌ فِي الشُّهْرَةِ فَلِلْإِمَامِ الْأَمْرُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ دِيبَاجٍ وَطَيْلَسَانَ (وَإِذَا) (دَخَلَ حَمَّامًا فِيهِ مُسْلِمُونَ) أَوْ مُسْلِمٌ (أَوْ تَجَرَّدَ عَنْ ثِيَابِهِ) وَثَمَّ مُسْلِمٌ (جُعِلَ فِي عُنُقِهِ) أَوْ نَحْوِهِ (خَاتَمُ) أَيْ طَوْقُ (حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرُهَا مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ (وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ: أَيْ الْخَاتَمِ كَجُلْجُلٍ، وَبِالْكَسْرِ: أَيْ الْحَدِيدِ أَوْ الرَّصَاصِ كَنُحَاسٍ وُجُوبًا لِيَتَمَيَّزَ، وَتُمْنَعُ الذِّمِّيَّةُ مِنْ حَمَّامٍ بِهِ مُسْلِمَةٌ تَرَى مِنْهَا مَا لَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ.
(وَيُمْنَعُ) وُجُوبًا وَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ (مِنْ إسْمَاعِهِ لِلْمُسْلِمِينَ شِرْكًا) كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ (وَ) يُمْنَعُ مِنْ (قَوْلِهِمْ) الْقَبِيحَ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْهُمْ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: بِمَا يُخَالِفُ لَوْنَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِتَغْيِيرٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ مَا يُخَالِفُ (قَوْلُهُ: وَالْعِمَامَةُ الْمُعْتَادَةُ لَهُمْ الْآنَ) هَلْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لُبْسُ الْعِمَامَةِ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهَا عَلَامَةً تُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ كَوَرَقَةٍ بَيْضَاءَ مَثَلًا أَمْ لَا، لِأَنَّ فِعْلَ مَا ذُكِرَ يَخْرُجُ بِهِ الْفَاعِلُ عَنْ زِيِّ الْكُفَّارِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ لَا يَهْتَدِي بِهَا لِتَمْيِيزِ الْمُسْلِمِ عَنْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَامَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ زِيِّ الْكُفَّارِ خَاصَّةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ لُبْسِ طُرْطُورِ الْيَهُودِيِّ مَثَلًا عَلَى سَبِيلِ السُّخْرِيَةِ فَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِالْمَجُوسِ الْأَسْوَدُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَبِالْمَجُوسِ الْأَحْمَرُ أَوْ الْأَسْوَدُ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّامِرِيَّ (قَوْلُهُ وَبِالسَّامِرِيِّ) مُرَادُهُ مَنْ يَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ (قَوْلُهُ: تُخَالِفُ لَوْنَ خُفَّيْهَا) أَيْ أَوْ بِزُنَّارٍ تَجْعَلُهُ تَحْتَ ثِيَابِهَا وَتُظْهِرُ بَعْضَهُ كَمَا صَرَّحَ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى تَخَالُفِ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ فِي الْعَادَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ حَيْثُ غَلَبَتْ هَيْئَتُهُ لِلرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ حَرُمَ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهَا التَّلَبُّسُ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَفِي فَصْلِ اللِّبَاسِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَنَعُ إبْدَالُهُ) أَيْ إبْدَالُ الزُّنَّارِ حَيْثُ أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَكْفِي عَنْهُ: أَيْ الْغِيَارِ نَحْوُ مِنْدِيلٍ مَعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُمْنَعُ الذِّمِّيَّةُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تُمْنَعْ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ الدُّخُولُ مَعَهَا حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَظَرُ الذِّمِّيَّةِ لِمَا لَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا أَيْضًا تَمْكِينُهَا
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ نَصْبُهُ)
[حاشية الرشيدي]
بِرِضَا الْإِسْلَامِ وَعَدَمِهِ لَا كَوْنُهُ مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَدَمُهُ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْغَيْنِ) أَيْ كَمَا نَقَلَ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَحَكَى الْأَذْرَعِيُّ عَنْ غَيْرِهِ الْفَتْحَ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِتَخَالُفِ لَوْنِ خُفَّيْهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَا بِلَوْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَوْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ مُسْلِمٌ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِحُصُولِ الْإِلْبَاسِ (قَوْلُهُ بِالرَّفْعِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: لَعَلَّ وَجْهَهُ كَوْنُهُ عَطْفًا عَلَى خَاتَمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ جُعِلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنْ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ فَيَجُوزُ نَصْبُ خَاتَمٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ أَوَّلٌ لَهُ وَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute