للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْذِ مَالِنَا وَإِنْ جَهِلُوا أَنَّ ذَلِكَ نَاقِضٌ {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} [التوبة: ١٢] أَمَّا إذَا فَسَدَتْ وَجَبَ تَبْلِيغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ وَأُنْذِرُوا قَبْلَ مُقَاتَلَتِهِمْ إنْ لَمْ يَكُونُوا بِدَارِهِمْ وَإِلَّا فَلَنَا قِتَالُهُمْ بِدُونِ إنْذَارٍ (وَإِذَا انْقَضَتْ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ) نَهَارًا (وَبَيَاتُهُمْ) أَيْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا إنْ كَانُوا بِبِلَادِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا بِبِلَادِنَا وَجَبَ تَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ: أَيْ مَحَلًّا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنَّا وَمِنْ أَهْلِ عَهْدِنَا وَلَوْ بِطَرَفِ بِلَادِنَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَنْ جَعَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَمَنْ لَهُ مَأْمَنَانِ يَسْكُنُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ سَكَنَ بِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ إبْلَاغُ مَسْكَنِهِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوْجَهِ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْهُدْنَةَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ) عَلَيْهِ (بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بَلْ اسْتَمَرُّوا عَلَى مُسَاكَنَتِهِمْ وَسَكَتُوا (انْتَقَضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِرِضَاهُمْ بِالنَّقْضِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لِقُوَّتِهِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا) عَلَيْهِمْ (بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ) بِحَالِهِمْ (فَلَا) نَقْضَ فِي حَقِّهِمْ {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} [الأعراف: ١٦٥] ثُمَّ يُنْذِرُ الْمُعَلَّمِينَ بِالتَّمَيُّزِ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَنَاقِضُونَ أَيْضًا

(وَلَوْ) (خَافَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (خِيَانَتَهُمْ) بِشَيْءٍ مِمَّا يَنْقُضُ إظْهَارُهُ بِأَنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ بِذَلِكَ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: ٥٨] الْآيَةَ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةٌ حَرُمَ النَّقْضُ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَازِمٌ، وَبَعْدَ النَّبْذِ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لَا بِنَفْسِ الْخَوْفِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ اشْتَرَطَ فِي النَّقْضِ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِهِ (وَ) بَعْدَ النَّقْضِ وَاسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ (يُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) حَتْمًا وَفَاءً بِعَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهَمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ آكَدُ لِتَأْيِيدِهِ وَمُقَابَلَتِهِ بِمَالٍ وَلِأَنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا غَالِبًا.

(وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً ثُمَّ تُسْلِمُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ أَوْ تُزَوَّجَ بِكَافِرٍ وَلِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْهَرَبِ مِنْهُمْ وَأَقْرَبُ إلَى الِافْتِتَانِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: ١٠] الْآيَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، وَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ كَافِرَةٍ وَمُسْلِمٍ، فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا مِنْهُمْ صَحَّ وَلَمْ يَجُزْ بِهِ رَدُّ مُسْلِمَةٍ احْتِيَاطًا لِأَمْرِهَا لِخَطَرِهِ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا مُخَالَفَةَ

(وَإِنْ) (شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ (مُسْلِمًا) إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى يَشْمَلَهُ الْأَمَانُ كَمَا لَا يَشْمَلُ الْأَمَانُ زَوْجَتَهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى وَآتُوهُمْ أَيْ: الْأَزْوَاجَ مَا أَنْفَقُوا أَيْ: مِنْ الْمَهْرِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ مُحْتَمَلٌ لِنَدْبِهِ الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيِّ إيوَاءِ شَخْصٍ يَتَجَسَّسُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ لِيَنْقُلَ الْأَخْبَارَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلُّوا جِدًّا

(قَوْلُهُ: حَرُمَ النَّقْضُ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَهُ هَلْ يُنْتَقَضُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ أَيْضًا صِيَانَةً لِمَنْصِبِ الْإِمَامِ عَنْ الرَّدِّ وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ

(قَوْلُهُ صَحَّ وَلَمْ يُجْزِيهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا لَا يَكْفِيهِ رَدُّ الْمَرْأَةِ بَلْ لَا يَجُوزُ رَدُّهَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَشْمَلْ الْمَرْأَةَ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا مُخَالِفٌ لحج حَيْثُ قَالَ لَا مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا لِشُمُولِهِ النِّسَاءَ (قَوْلُهُ: وَلَا مُخَالَفَةَ) حَيْثُ قَيَّدَ مَا مَرَّ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ السَّابِقَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَنْ جَعَلَهُ) أَيْ الْمَأْمَنَ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا) أَيْ تَخْلِيَتَهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ وَيَأْتِيَ

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمَثَلِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الثَّانِي الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْمُسَمَّى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: الصَّادِقُ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>