للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَجَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً كَسَائِرِ الْقُرَبِ

(وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْ التَّضْحِيَةِ (أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ) أَيْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ بَقَاؤُهُ كَامِلَ الْأَجْزَاءِ لِتَشْمَلَهَا الْمَغْفِرَةُ وَالْعِتْقُ مِنْ النَّارِ، وَلَوْ قَصَدَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ لِمُرِيدِهَا إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَضُرُّ، أَمَّا نَحْوُ ظُفْرٍ وَجِلْدَةٍ تَضُرُّ فَلَا

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ رَجُلٌ (بِنَفْسِهِ) إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فَنُدِبَتْ مُبَاشَرَتُهَا وَكَذَلِكَ الْهَدْيُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ وَالْأَوْلَى كَوْنُ التَّائِبِ فَقِيهًا مُسْلِمًا وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ لَا حَائِضٍ (وَإِلَّا فَيَشْهَدُهَا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِذَلِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.

أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَتَوْكِيلُهُمَا أَفْضَلُ.

(وَلَا تَصِحُّ) أَيْ التَّضْحِيَةُ (إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ) عِرَابٍ أَوْ جَوَامِيسَ (وَغَنَمٍ) ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: ٣٤] وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْحَيَوَانِ فَاخْتَصَّتْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرَاجِعْهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَتَجِبُ بِالنَّذْرِ، فَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ اشْتَرَيْت شَاةً أَنْ أَجْعَلَهَا أُضْحِيَّةً وَاشْتَرَى لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فَإِنْ عَيَّنَهَا فَفِي لُزُومِ جَعْلِهَا وَجْهَانِ، وَلَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَا بِنِيَّتِهِ اهـ: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بَعْدَ الشِّرَاءِ.

[فَرْعٌ] مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ سُنَّ لَهُ مَا سُنَّ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَجَعَلْتُ هَذِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي بِالنِّيَّةِ

(قَوْلُهُ: فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ) أَيْ نَدْبًا، وَالصَّارِفُ لَهُ عَنْ الْوُجُوبِ كَوْنُ الْحِكْمَةِ فِي طَلَبِهِ مُجَرَّدَ إرَادَةِ الْمَغْفِرَةِ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ حَيْثُ انْقَضَتْ وَلَمْ يَصِحَّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْتَهِي فِي حَقِّ مَنْ ضَحَّى بِمُتَعَدِّدٍ بِأَوَّلِهَا

(قَوْلُهُ: إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كُرِهَ كَأَنْ كَانَ أَعْمَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَحْسَنَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ (قَوْلُهُ لَا حَائِضٌ) أَيْ فَلَا تُكْرَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى الْأَفْضَلُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَشْهَدُهَا) ع: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ عَظِيمَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا سَخَّرَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَتَجَدُّدِ الشُّكْرِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ فَتَوْكِيلُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ لِضَعْفِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) قَضِيَّةُ سِيَاقِهِ أَنَّ الْأَنْعَامَ شَامِلَةٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُضَحَّى بِهِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، فَفِي الْمِصْبَاحِ النَّعَمُ: الْمَالُ الرَّاعِي، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: النَّعَمُ الْإِبِلُ فَقَطْ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ نُعْمَانٌ مِثْلُ حَمَلٍ وَحُمْلَانٍ وَأَنْعَامٌ أَيْضًا، وَقِيلَ النَّعَمُ الْإِبِلُ خَاصَّةً وَالْأَنْعَامُ ذَوَاتُ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْأَنْعَامُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ الْإِبِلُ فَهِيَ نَعَمٌ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَوْ بِمِنًى الَّذِي قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُضَحِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: رَجُلٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا هُنَا يُوهِمُ إخْرَاجَ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>